Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 29 يناير 2016

اجتماعيات ،، هل بقيت الآفاق أمام التشغيل ميسدودة ؟

اجتماعيات
يكتبها عبد اللطيف الفراتي

الآفاق المسدودة ، من يفتحها ..
أم تبقى  الحلقــــة مفرغة ، ؟

تونس /  الصواب /26/1/2016
خف ضغط الأحداث ، وتقلصت فترة منع الجولان ، ولكن للمرء أن يقف عند حقيقتين :
** الحقيقة الأولى ، هي أن الحكومة ولا المعارضات ، لم تتنبه إلى ما حصل بصورة مسبقة ، وإذا كانت العلوم السياسية تقول إن الحكم يعني التنبؤ المسبق gouverner c’est prévoir   فإن السلطات التونسية ، لم تكن من القدرة على الرؤية ، لتتوقع الآتي ، ولتستطبن أمرا هو آت لا محالة ، بعد أن مرت 5 سنوات على اندلاع الثورة ـ دعنا نسميها كذلك ـ ومرت سنة على تشكيل الحكومة ،دون أن يجد المواطن حلا لوضعه المتردي ، ودون أن يفوز بشغل يتمناه ويحتاجه ، توفيرا لكرامته التي لا تستقيم بغير شغل.
كان الأمر في حاجة إلى شرارة متوقعة ، ولكن غير مبرمجة ، لينفجر وضع كل الدلائل كانت تشير إلى قابليته لانفجار يمكن أن يحصل في أي وقت.
وجاءت الشرارة من القصرين هذه المرة ، فيما اعتبره البعض عن حسن أو سوء نية ثورة ثانية ( إذا اعتبر الاجماع أن ما حصل في 2010/2011 كان ثورة بكل مقومات الثورة)، وكأن الثورات أحداث بسيطة ، تندلع بصورة دورية.
أحداث لها ما يبررها ، فاليأس دفع لها و 700 ألف من الشباب وحتى ممن تجاوزوا مرحلة الشباب ، ينتظرون فرصتهم للعمل ، دون جدوى ولا آفاق مفتوحة ، وحتى للعقلاء منهم من يعرف استحالة ترضية لا يمكن تصورها تحت واقع الظروف الحالية.
** إن ما جرى خلال تلك الأيام الكالحة من النصف الثاني من شهر جانفي 2016  ، وقد سبق لنا أن استعرضنا على الصفحات الورقية لهذه المجلة الأحداث التاريخية لهذا الشهر الساخن ، لم يجد ولن يجد لا بسهولة ولا بصعوبة الحل لقضية بطالة تجرها البلاد منذ الثمانينيات ، وتتعاظم ككرة الثلج المتدحرجة.
ولعله من الغريب في بلد يمارس تحديد النسل ، وينجح في مجاله إلى الحد الذي يهدد بكبير الأخطار توازناته ، أن تصل حدود المتعطلين فيه إلى هذا القدر العالي ، ما يستوجب دراسة مستوفية للأسباب والمسببات ، بقصد استشراف حل لن يكون سهلا ولا سريعا.
ووفقا لمتابعة للتطورات على مدى عقود فإن للمرء أن يتوقف عند عدد من الأسباب :
أولها عدم التلاؤم بين التكوين والتشغيل ، ويكرر الوزراء أن مهنا معينة غير متوفرة ، ما يصل حتى لإعاقة عملية التنمية ، فمجال فنون التبريد والتدفئة، والخراطة والبناء عموما ، وكذلك الإطارات الصناعية الوسطى  في هندسة الميكانيكا والكهرباء ، مفقودة بعشرات الألوف، والطلب عليها كبير دون جدوى.
ثانيهما : عدم الإقدام على الانتقال عبر القطاعات ولا عبر الجغرافيا ، في زمن لم يعد فيه المرء قادرا على قضاء كل فترة حياته المهنية ( بين 25 و 40  سنة ) في ولاية واحدة ولا اختصاص واحد.
ثالثها : الرفض للقبول بأعمال معينة ولا أنشطة محددة ، مثل الفلاحة وركوب البحر ، والاقتصار على طلب  العمل المكتبي أو الطموح للنشاط بالياقات البيضاء.
على أن المعضلة الأكبر هي المتمثلة في تقلص الاستثمارات ، سواء الحكومية أو الخاصة وطنية وأجنبية ، وما يعترضها من عراقيل إدارية وغير إدارية  إضافة إلى الظروف السياسية واستشراء ظاهرة الإرهاب ، وإحجام أبناء المناطق المهمشة ممن أنعم عليهم الله بالثروة ، عن إقامة المشروعات في مناطقهم الأصلية ، و  إضافة إلى قلة روح المبادة والمغامرة لدى الشباب ،  خاصة من حملة الشهائد العليا ، القادرين بمقتضى الحوافز الكثيرة والسخية ، على إقامة مشروعات صغيرة أو متوسطة ، تكون في حد ذاتها خالقة لفرص عمل جديدة.
هل تكون تونس بأحداث الأيام الأخيرة ، قد دخلت في حلقة جديدة من الاضطرابات الدورية ، التي ما إن تطفئ جذوة واحدة ، حتى تشتعل أخرى ، ما دامت قضية التشغيل قائمة و بالحدة التي نراها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق