اجتماعيات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
الآفاق
المسدودة ، من يفتحها ..
أم تبقى الحلقــــة مفرغة ، ؟
تونس / الصواب /26/1/2016
خف ضغط
الأحداث ، وتقلصت فترة منع الجولان ، ولكن للمرء أن يقف عند حقيقتين :
** الحقيقة
الأولى ، هي أن الحكومة ولا المعارضات ، لم تتنبه إلى ما حصل بصورة مسبقة ، وإذا
كانت العلوم السياسية تقول إن الحكم يعني التنبؤ المسبق gouverner c’est prévoir فإن السلطات التونسية ، لم تكن من القدرة على
الرؤية ، لتتوقع الآتي ، ولتستطبن أمرا هو آت لا محالة ، بعد أن مرت 5 سنوات على
اندلاع الثورة ـ دعنا نسميها كذلك ـ ومرت سنة على تشكيل الحكومة ،دون أن يجد
المواطن حلا لوضعه المتردي ، ودون أن يفوز بشغل يتمناه ويحتاجه ، توفيرا لكرامته
التي لا تستقيم بغير شغل.
كان الأمر في
حاجة إلى شرارة متوقعة ، ولكن غير مبرمجة ، لينفجر وضع كل الدلائل كانت تشير إلى
قابليته لانفجار يمكن أن يحصل في أي وقت.
وجاءت
الشرارة من القصرين هذه المرة ، فيما اعتبره البعض عن حسن أو سوء نية ثورة ثانية (
إذا اعتبر الاجماع أن ما حصل في 2010/2011 كان ثورة بكل مقومات الثورة)، وكأن
الثورات أحداث بسيطة ، تندلع بصورة دورية.
أحداث لها ما
يبررها ، فاليأس دفع لها و 700 ألف من الشباب وحتى ممن تجاوزوا مرحلة الشباب ،
ينتظرون فرصتهم للعمل ، دون جدوى ولا آفاق مفتوحة ، وحتى للعقلاء منهم من يعرف
استحالة ترضية لا يمكن تصورها تحت واقع الظروف الحالية.
** إن ما جرى
خلال تلك الأيام الكالحة من النصف الثاني من شهر جانفي 2016 ، وقد سبق لنا أن استعرضنا على الصفحات الورقية
لهذه المجلة الأحداث التاريخية لهذا الشهر الساخن ، لم يجد ولن يجد لا بسهولة ولا
بصعوبة الحل لقضية بطالة تجرها البلاد منذ الثمانينيات ، وتتعاظم ككرة الثلج
المتدحرجة.
ولعله من
الغريب في بلد يمارس تحديد النسل ، وينجح في مجاله إلى الحد الذي يهدد بكبير
الأخطار توازناته ، أن تصل حدود المتعطلين فيه إلى هذا القدر العالي ، ما يستوجب
دراسة مستوفية للأسباب والمسببات ، بقصد استشراف حل لن يكون سهلا ولا سريعا.
ووفقا
لمتابعة للتطورات على مدى عقود فإن للمرء أن يتوقف عند عدد من الأسباب :
أولها عدم
التلاؤم بين التكوين والتشغيل ، ويكرر الوزراء أن مهنا معينة غير متوفرة ، ما يصل
حتى لإعاقة عملية التنمية ، فمجال فنون التبريد والتدفئة، والخراطة والبناء عموما ،
وكذلك الإطارات الصناعية الوسطى في هندسة
الميكانيكا والكهرباء ، مفقودة بعشرات الألوف، والطلب عليها كبير دون جدوى.
ثانيهما :
عدم الإقدام على الانتقال عبر القطاعات ولا عبر الجغرافيا ، في زمن لم يعد فيه
المرء قادرا على قضاء كل فترة حياته المهنية ( بين 25 و 40 سنة ) في ولاية واحدة ولا اختصاص واحد.
ثالثها :
الرفض للقبول بأعمال معينة ولا أنشطة محددة ، مثل الفلاحة وركوب البحر ، والاقتصار
على طلب العمل المكتبي أو الطموح للنشاط
بالياقات البيضاء.
على أن
المعضلة الأكبر هي المتمثلة في تقلص الاستثمارات ، سواء الحكومية أو الخاصة وطنية
وأجنبية ، وما يعترضها من عراقيل إدارية وغير إدارية إضافة إلى الظروف السياسية واستشراء ظاهرة
الإرهاب ، وإحجام أبناء المناطق المهمشة ممن أنعم عليهم الله بالثروة ، عن إقامة
المشروعات في مناطقهم الأصلية ، و إضافة إلى قلة روح المبادة والمغامرة لدى الشباب
، خاصة من حملة الشهائد العليا ، القادرين
بمقتضى الحوافز الكثيرة والسخية ، على إقامة مشروعات صغيرة أو متوسطة ، تكون في حد
ذاتها خالقة لفرص عمل جديدة.
هل تكون تونس
بأحداث الأيام الأخيرة ، قد دخلت في حلقة جديدة من الاضطرابات الدورية ، التي ما
إن تطفئ جذوة واحدة ، حتى تشتعل أخرى ، ما دامت قضية التشغيل قائمة و بالحدة التي
نراها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق