الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
الطلاق
بالثلاث
تونس /
الصواب / في 12/01/2016
22 هم من
استقر عليهم حتى الآن عدد النواب من نداء تونس الذين استقالوا من الكتلة، وبالتالي
باتت الكتلة الأولى في البرلمان في موقع الكتلة الثانية ، فيما قفزت كتلة النهضة
إلى الموقع الأول بين الكتل.
وإذ ينص
الدستور في فقرته الأولى من الفصل 89 " يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف
الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب بتكوين الحكومة ..
"، فإنه لا ينص على الحالة التي يمكن أن تبرز بتغيير في العدد أو ترتيب
الكتل ، سواء بانقسام كتلة كانت هي الأولى مباشرة بعد الانتخابات كما هو الحال
الآن ، أو بتغيير في التركيبة نتيجة انتخابات جزئية يمكن أن تطرأ في أي وقت ، رغم
صعوبة ذلك وتكاد استحالته لطبيعة النظام الانتخابي بالنسبية مع أعلى البقايا.
وفي الحالة
الراهنة فإن كتلة نداء تونس ، ستصبح إن لم تكن أصبحت بعد في مرتبة ثانية قوامها 64 فردا ، إن لم يكن
أقل ، بحسب التطورات التي تدفع كل ساعة بمستقيلين جدد من تلك الكتلة ، فيما إن كل
الدلائل تشير إلى أن كتلة النهضة قوامها 68 أو 69 نائبا حسب القراءات.
ولا شيء في
الدستور يجبر رئيس الجمهورية ، على دعوة كتلة النهضة لترشيح رئيس حكومة بدل حكومة
نداء قائد السبسي التي يرأسها رئيس حكومة "مستقل".
كما لا يبدو
أن حركة النهضة حريصة على أن تسارع لأخذ الحكم ، الذي اكتوت بناره لمدة سنتين أو
ثلاثة ، وخرجت منه مضطرة مجللة بمظاهر
الفشل ، وبعد أن تركت كثيرا من ريشها ، وهي في موقعها الحالي شريكة في الحكم ، بل
مؤثرة تأثيرا كبيرا فيه دون أن تتحمل مسؤوليته ، ولا تبعاته.
وهي تنتظر في
صبر انتخابات بلدية متوقعة لسنة 2017 ، تسعى من خلالها للسيطرة على أكبر عدد من
البلديات ، أي الركيزة الأساسية للتأثير عبر الجهات والأقاليم ، وحظوظها تبدو
وفيرة جدا ، بعضها من منطلقات تمركز قوي وشامل في النطاق المحلي ، وبعضها الآخر
نتيجة تحلل وتفكك الحزب الأول في البلاد نداء تونس ، الذي يعتقد أكثر فأكثر من
المراقبين أنه بصدد أن يتحول شبحا لنفسه ، في خلال أشهر قليلة ، وأن قوى أخرى
ستكون منافسة له ، ومنها أحزاب في الحكم وفي مقدمتها النهضة ، ولكن كذلك الوطني
الحر ، وأيضا آفاق ، التي تشارك في الحكم دون أن تكتوي كثيرا بلظاه ، وربما الحزب
الجديد المنبثق من رحم نداء تونس.
**
السؤال
المطروح بإلحاح الآن هو ماذا سيكون عليه حزب نداء تونس ، بعد مؤتمره يومي 9 و10
جانفي 2016؟
ماذا ستكون
عليه حظوظه في أي انتخابات مقبلة؟
ما هي القوى
الفعلية التي سيطرت عليه، وما هو مدى التعبئة التي تستطيع أن تقوم بها، في غياب
كثير من الوجوه المنتسبة إلى جهات ثلاث:
-
الشباب من الطلاب القدامى الذين كانت الجامعات مجالا لتدريبهم على الخطابة
والفصاحة ، والمناورة؟
-
النقابيون ممن لهم خبرات في مجال التعبئة ، والذين وراءهم مريدون كثيرون
-
الدساترة الذي يجرون وراءهم كثيرا من أصحاب
الحنين إن لم يكن للنظام السابق ، فلهم مرجعية قوية للفكر البورقيبي وخاصة بين النساء
، ولن نزعم هنا ان عدد النساء الذين صوتوا للنداء وللباجي ( أكثر من عدد الرجال) ،
كلهن منساقات وراء الفكر البورقيبي الذي أنست المسافة الزمنية كل سلبيات قائده ،
ولكن التحالف الوثيق بين النداء والنهضة ، أعاد إليهن وإلى ما يسمى بالحداثيين،
الخوف من تهديدات التصورات الإخوانية ، لسنتي 2012/2013 ، والرغبة الكامنة في
تضمين الدستور توجهات أقرب للفكر الإخواني ، ولولا ما حدث في مصر لكانت تونس سارت
على ذلك الهدي.
-
**
من هنا يمكن النظر إلى نتائج المؤتمر الوفاقي الذي انعقد يومي 9 و10 جانفي
وانتهى إلى تكريس عدد مما يمكن أن يعتبر مسلمات :
-
زعامة حافظ قائد السبسي المشهودة لنداء تونس ، والمؤتمر وإن اختار أن لا يعين
رئيسا في انتظار المؤتمر الانتخابي (؟) ، فإن الصلاحيات التي أوكلت لنجل الرئيس الباجي
قائد السبسي لا تختلف في شيء عن صلاحيات الرئيس ( للحزب طبعا) ، ووفقا لمصادر
مختلفة فإن حافظ قائد السبسي تم تعيينه أمينا وطنيا مكلفا بالإدارة التنفيذية وممثلا قانونيا للحزب ، ووفقا
لصحيفة الشارع المغاربي فإن صلاحياته تتمثل في ما يلي :
*تسيير الشؤون الإدارية
واللوجيستية للحزب
*التفرغ
كليا للعمل الحزبي
التمثيل
القانوني للحزب بين مؤتمرين
يختص
بالتصرف في الشؤون الادارية تحت رقابة الأمانة
*البحث عن
موارد لتمويل الحزب
*الحفاظ على
أرشيف الحزب
* السهر على
إرساء منظومة الاتصال والتواصل
وهذه بالضبط
هي الصلاحيات التي يتمتع بها أي رئيس حزب أو جمعية
-
غياب كامل لرئيس الحزب محمد الناصر من كل
التعيينات وهو رئيس مجلس النواب حتى الآن.
-
اعتماد اختيار عدم تكليف أي من الوزراء بمهمة
أمانة وطنية باستثناء رضا بلحاج رئيس ديوان رئيس الجمهورية برتبة وزير.
-
والمؤتمر الوفاقي كرس أمرا أساسيا ، يتمثل في
وراثة نجل رئيس الدولة في رئاسة حزب نداء تونس فعليا ، في انتظار تثبيت تلك الرئاسة بالتعيين في ذلك المنصب ، بعد
المؤتمر الانتخابي ، وفي هذه الحالة إن حصلت يتم تكريس التوريث..
**
لكن كان الثمن الحقيقي لذلك هو انشقاق في الحزب الذي كان
أولا في البرلمان ، وبات ثانيا ، وقد ظهرت نتائج ذلك ليس فقط في التصويت على أعضاء
الحكومة الجدد في مجلس نواب الشعب بل في انشقاق جد مؤلم لم تظهر حاليا وفي خضم
الأحداث كل تداعياته على نداء تونس ، فإلى
جانب ذلك لوحظ أن عدد المحتفظين بأصواتهم في منح الثقة للوزراء الجدد في حكومة الصيد يحوم
حول 22 أو 23 نائبا ، وباستثناء وزير العدل عمر منصور الذي سبقته سمعة
جيدة جدا ، والذي لم يحتفظ من النواب
بصوته إزاءه إلا 17 فقط ، وبصورة عامة فإن وزير الخارجية خميس جهيناوي حصد 29
نائبا ضده في التصويت ونال عمر منصور 147 موافقة هو ويوسف الشاهد وزير الحكم
المحلي ، أما سونيا مبارك وزيرة الثقافة والوزير الناطق الرسمي خالد شوكات فقد
حصدا العدد الأوفر من المحتفظين بأصواتهم وعددهم 26 نائبا ، وتميز هادي مجدوب وزير
الداخلية وكمال عيادي وزير الوظيفة والحوكمة بأقل عدد من المحتفظين 20.
غير أن
التصويت لم يكن متماثلا بالنسبة للوزراء فقد تراوح عدد المصوتين بين 190 بالنسبة
لعمر منصور وزير العدل فيما نزل عدد المصوتين من النواب في ادناه إلى إلى 184
نائبا.
ومن هنا يبدو
تأثير الانشقاق في نداء تونس وتبعاته.
**
الإنشقاق
يبدو ان قائده كما اتضح فعليا هو محسن مرزوق ، وهو رجل شديد الطموح من جهة ،
ويعتبر خطيبا مفوها ، وهو مغرم بتاريخ المناسبات ، لذلك اختار موعدا لاجتماع يقدر
المراقبون أنه سيكون مؤتمر جناحه في 2 مارس ، الذي يذكر بمؤتمر قصر هلال 1934 ، الذي قام فيه بورقيبة ورفاقه الأربعة
بالاستيلاء على حزب الدستور القديم ، الذي اعتبره قوقعة فارغة ، وقد نجح بورقيبة
في رهانه ، فهل يمكن أن ينجح محسن مرزوق بعد 82 عاما على مغامرة بورقيبة.؟
الظروف ليست
الظروف ، والباجي ليس الثعالبي المهاجر ولا محي الدين القليبي ولا الصافي ولا صالح
فرحات ، وبورقيبة جاء في وقت لم يكن الحزب
القديم في الحكم ، ولم يكن له مغريات توزيع المناصب ، كما إن السلطات الاستعمارية
في تلك الفترة من سنة 1934 ، كانت تشجع من طرف خفي على ذلك الانشقاق البورقيبي ،
وهو تشجيع ندم عليه المقيم العام الفرنسي آنذاك ، لأنه أدخل البلاد التي كانت
" هادئة " في خضم حركة تحريرية فعلية وحتى عنيفة.
محسن مرزوق
والذين معه دخلوا في مغامرة ، يختلف المراقبون في أن تكون محسوبة العواقب أو غير
محسوبة العواقب ، فهل يستطيع الشق المنفصل
أن يثبت أقدامه ، محسن مرزوق يعتبر نفسه هو باني النداء ، وأن الباجي قائد السبسي
كان اليافطة التي اعتمدها ، ولعل الانتخابات البلدية المقبلة بعد عام ونصفا هي
التي يمكن أن يقاس بها ما أقدم عليه مرزوق ، وإن كانت عمليات سبر آراء عديدة ستسبق
ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق