سانحة
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
اليد في اليد من أجل تونس
الصواب / 14/01/2020
جاء الوقت ليضع السياسيون اليد في
اليد من أجل تونس ، لا يعني ذلك انتفاء التناقضات ، ولا انتهاء الخصومات ولا
المنافسات ، ولا تناقض التوجهات السياسية وحتى الايديولوجية ، ولكن لا بد من شعور
طاغ ، بأن المجلس الجديد هو مجلس مؤسس كما كان المجلس التأسيسي قبل ما بين 8 و5
سنوات.
وإذ لابد من اختيار رئيس حكومة يكون
صاحب دراية اقتصادية اجتماعية ، واسعة ويكون له دفتر عناوين واسع داخليا وخارجيا
قادرا على التجميع ، على غرار محافظ البنك المركزي مروان العباسي ، الذي يبدو أنه
يستنكف أن يكون رئيس حكومة ، أويدخل في متاهة المهاترات ، ولعله من أفضل من يمكن
أن يقوم بالمهمة ، ولكن هل هو من سعة الصدر بحيث يقدر على تحمل ما يجري في مجلس
النواب وفي الشارع التونسي والوسائط الاجتماعية ، وإذ لم أكن من أول يوم مثل الكثيرين مغتبطا بتعيين الجملي في الموقع
الذي قذف به فيه ، دون قدرة في تقديري على تحمل ذلك الموقع ، فإني معجب بما تحلى به من صبر أيوب.
ولعل على رئيس الحكومة الذي سيقع نصح
رئيس الدولة باختياره ، إن استجاب ، أن يكون على دراية اقتصادية واسعة ، وقدرة على
القيادة ، ويتمتع بكاريزما عالية، فضلا على سعة الصدر والتحمل.
فهو مدعو لقيادة البلاد على طريق
الخروج مما تردت إليه من انحدار ، لا تبرره ثورة حصلت مثيلتها في عدة بلدان ، ولكن
عرفت كيف تطوعها لتحقيق نماء أكبرمما كان قبلها، ويكون من الناحية النظرية حاملا لأدوات
أصبحت معلومة للتصرف الاقتصادي الاجتماعي ، قادر على تفعيلها وقد باتت أشبه
بالعلوم الصحيحة ، إذ إن اتباع وصفة معينة
، يؤدي إلى نتائج معلومة ومحددة بصورة
مسبقة ، وهو مدعو كذلك لا للإكتفاء بالنجاح في المجالات الاقتصادية الاجتماعية بل بتعبئة كل طاقات البلاد ، وتوفير المناخات
المساعدة ومنها ، كبح جماح سباق الأسعار / الأجور مؤقتا ولمدة عامين أو ثلاثة على الأقل ووقف زحف كتلة
الأجور التي لم يقابلها إنتاج في المستوى، بل كذلك إلى اعتماد سياسة تستكمل المقومات الدستورية
للبلاد ، ولعل أكبر سقطة لحكومة التوافق بقيادة النداء والنهضة ومن شاركهما خلال الخمس سنوات الأخيرة ، زيادة على الاخفاق
الاقتصادي الاجتماعي ، هو الفشل في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية وبقية المؤسسات
الدستورية ، وعلى أهمية الدستور ولا نقول بخلوه من منطق داخلي متماسك وهنات أخذت
تتضح معالمها ، فإن البلاد تسير بدستور أعرج ما دامت لم تتوفق لإنشاء محكمة
دستورية ، وبقية المؤسسات التي اقتضاها الدستور على علاته.
وإذ يتضح أن العائق دستوري يتمثل في
ضرورة تجميع 145 صونا ضروريا من جملة 217 هم كل أعضاء البرلمان ، وهو أمر استحال
تحقيقه طيلة العهدة النيابية السابقة ، فإنه ينبغي اعتبار الفترة المقبلة مماثلة
لفترة السنوات الثلاث التي عرفت صياغة الدستور ، بضرورة وضع اليد في اليد بين كل
أطياف البرلمان الجديد.
ومن هنا فإنه لا بد من أن يتفطن
الجميع إلى أن مصلحة البلاد تقتضي في المرحلة المقبلة تشكيل حكومة تجمع الغالب الأعظم
من الأحزاب والكتل المتاحة في المجلس النيابي ، بدون إقصاء أحد إلا من يقصي نفسه، أي المجموعة الكبرى المشكلة حول قلب تونس ،
المجموعة الدائرة في فلك النهضة ، والمجموعة المتمثلة في الشعب والتيار.
ليس الوقت وقت خلافات إيديولوجية ،
ليبيرالية أو توجهية الاقتصاد ، بل الوقت وقت استكمال مقتضيات الدستور ، بإجماع
يكاد يكون كليا ، وليكن بعد ذلك الصراع الايديولوجي ، حول الطبيعة المتبعة في عمق
الحياة الاقتصادية الاجتماعية ، ولا بأس في الأثناء من إدخال ما حناجه الدستور من
تعديلات تأكد إدخالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق