بكل هدووء
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
شيء من التواضع ؟؟
تونس / الصواب 11/01/20202
ما من شك في أن يوم 10 جانفي سيكتب
بحروف ساطعة ، في المستقبل ، بعد أن سقطت حكومة النهضة التي أوكل تشكيلها "للمسكين"
الحبيب الجملي ، فلم يكن لا في العير ولا في النفير ، وبعد حجب البرلمان الثقة
عنها ، وهو أمر كان متوقعا من أكثر من أسبوع ، للمرء أن يقف أمام ثلاث حقائق في
محاولة لفهم مستقبل الوضع السياسي في البلاد:
أولها أن المخزون الانتخابي للنهضة هو
ما بين 20 و25 في المائة من الناخبين ، ولعله مرشح للتناقص بعد هذه النكسة.
ثانيها : أن النهضة بمثل هذه النسبة
أو أقل وب 20 في المائة من نواب البرلمان ، اعتبرت نفسها وكأنها فائزة بأغلبية
تمكنها من الحكم ، ولو بصورة مواربة ، فاعتمدت نتيجة مزايدة في غير محلها K يقال إن الأستاذ راشد الغنوشي وهو داهية ، انجر لها رغم أنفه.
ثالثا أن اختياراتها لتشكيل الحكومة
لم تكن صائبة من البداية إلى النهاية ، كما تنبأ بذلك أمينها العام السابق
والمستقيل زياد العذاري ، الذي لعله تفطن من البداية للفخ الذي
نصبه صقور النهضة للنهضة .
كل هذا لا يبرر من وجهة نظري ، تلك
الفرحة العارمة التي أصابت الجناح المسمى بالوسطي على اختلافات ظلاله ( ses nuances )
، وحتى إذا برر القائمون عليه فرحتهم ، فإنهم لا بد أن يلزموا شيئا من التواضع ،
فلا ينجروا إلى ردود أفعال غير عقلانية ، من شأنها أن تحاول وضع الإسلاميين في
الركن أو اعتبارهم قوة بل وزن ، التحاقا
بموقف عبير موسي الممعنة في نفي وجود
الاسلاميين ، فلا بد من القول إن لهم وجود
في المجتمع ، ليس بالقوة التي حاولوا أن
يظهروا بها منذ 2011 ، أو أن يستغلوها في توجهات معاكسة لطبيعة مدنية المجتمع ، الموروثة عن عصر الأنوار ، الذي
انطلق من محمد علي في مصر في بدايات القرن التاسع عشر ، ووجد قدما راسخة منذ تولي
المشير أحمد باي السلطة سنة 1837 ، ومنذ تولي خير الدين باشا الوزارة الكبرى ، ثم
توالي المصلحين من قاسم أمين وكتابيه عن تحرير المرأة سنة 1890 إلى الطاهر الحداد
وكتابه إمرأتنا في الشريعة والمجتمع إلى بورقيبة ، هذا الرسوخ الذي حاول
الاسلاميون التنكر له منذ قيام حركتهم في
تونس ، في أواخر الستينيات مستلهمين فكرهم من الوهابية وإخوان مصر ، ولم يعودوا
للواقع نسبيا إلا بعد الاصطدام به سنة 2013 ، فانقادوا إلى نوع من التراجع اعتبروه
تكتيكيا ، ولكن الذي فرض نفسه عليهم ف، ي دستور يعتبر أن ركيزته الرئيسية هي القيم
الكونية ، وإن كانوا ما زالوا يشككون
لليوم في ذلك.
في السياسة ليست هناك نكسة دائمة ولا
انتصار دائم ، بل هي تقوم على تنسيب الأشياء ، ومن هنا وجب على من يعتقدون اليوم أنهم حققوا نصرا مساء 10 جانفي أن
يتواضعوا شيئا ما ، ولا يدفعوا بمنافسيهم الاسلاميين لحصار في الزاوية، بل أن يساعدوهم على الاندماج في الحركة السياسية لمجتمع مدني ، وهو ما يمنع
عنهم التطرف ، ويبرز من بينهم العقلايين المؤمنين حقا بطبيعة المجتمع المدني ، وما
يستوجبه من تسامح.
ثم إنه لا بد من أن يسود شعور النسبية
، فليس معروفا إلى ما ستؤدي إليه ، عملية اختيار رئيس حكومة مكلف جديد ، من طرف رئيس جمهورية يبدو على غاية السرية في
تحركاته ، وما إذا كان رئيس الحكومة المكلف الجديد سينال ثقة البرلمان ، وإلا في
حالة حجب الثقة إلى أين سيكون المسار ، بعد انتخابات سابقة لأوانها لا أحد يستطيع
أن يتنبأ ، بنتائجها وتبعات تلك النتائج.
fouratiab@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق