Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 10 أكتوبر 2019

الموقف السياسي : البلاد في مأزق .. هل يمكن الخروج منه ؟

الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
بعد الأحد
إلى أين ؟
تونس / الصواب /10/10/2019
مساء الإثنين ستتضح معالم الصورة إن اتضحت وبانت على الأقل خطوطها العريضة، ستفصح الانتخابات الرئاسية عن أسرارها ، ولو أن عددا كبيرا من المراقبين يعتقدون أن قصر قرطاج سيكون من نصيب قيس سعيد ، ولو أن الفارق الكبير بصدد التقارب ، ولو أن استطلاعات الرأي السابقة للتصويت  يمكن أن تخطئ هذه المرة كما أخطأت في الانتخابات التشريعية ، ولو أن ذلك بعيد الاحتمال باعتبار الفارق الكبير في التوقعات ، بعكس الفارق الصغير الذي كان يفصل النهضة عن قلب تونس قبل يوم أو يومين من التصويت  في التشريعيات ، والذي تم "ردمه" بفضيحة اللوبينغ " التي يقال إن حزب نبيل القروي وحزب عيش تونسي تورطا فيها ودفعا الثمن ، وحتى ما قيل من تورط النهضة ، فإنه لم يؤثر فيها.
على كل نحن اليوم أمام النتائج التي تكاد تكون نهائية للتشريعيات ، في انتظار نتائج أحكام الطعون ، وفي ما يلي ما يسمى بالنتائج الأولية ، في جدول واضح للتمكين من المقارنات التي سنوردها لاحقا وهو جدول من إعداد هيئة الانتخابات :

** الملاحظة الأولى أن 17 قائمة فازت كل منها بمقعد واحد من بين 31 قائمة  في الجملة حازت على مقاعد ، ما يعني أن 14 قائمة فقط فازت كل منها بما بين 52 مقعدا و2 مقاعد ،، ما يعني أيضا أن  7 قائمات فقط  استأثرت مجتمعة بـ180 مقعدا ، وهو ما يدل على مدى التشرذم والتشتت الذي أفرزته هذه الانتخابات، بحيث أنتجت برلمانا غير قابل لفرز أغلبية ، بدون اللجوء إلى تنازلات موجعة .
فالعائلة التي يمكن أن يقال فيها بوضوح أنها تنتسب للمرجعية الإسلامية ، صراحة مع اختلافات شديدة في التوجه لم تجمع سوى 76 مقعدا  ، فيما إن الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة تتوجب توفر 109 أصوات على الأقل.
وإذا أضفنا إليها  فرضا قائمة التيار الديمقراطي مع احتمال 11 أو 12 من أصحاب المقعدين أو المقعد الواحد فإنها بالكاد تصل إلى 110 أصوات ، فهل تكون كافية لتشكيل الحكومة ، هذا مع احتمال كبير بتجنب محتمل لئلا تتورط النهضة في التحالف مع ائتلاف الكرامة ، وحزب الرحمة ، خوفا من أن توصف بالتطرف ، وتفقد ما تدعيه من أنها حزب مدني بمرجعية إسلامية.
أما العائلة التي تدعي الوسطية وهي هلامية ، وتشقها خلافات عميقة ، كالخلاف بين قلب تونس ( القروي) 38 مقعدا  وتحيا تونس ( الشاهد )14 مقعدا ، وهو خلاف في العمق وشخصي ، باعتبار أن أنصار نبيل القروي يتهمون النهضة وتحيا تونس بفكرة القضية ، التي تم توريط وإدخال زعيمهم  بسببها للسجن ، حيث أصابه الخز شهر ونصفا ،  في خضم  فترة إجراء الحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية ، مع استغلال فاحش لمشكلة اللوبينغ ،  التي يعتقد الكثيرون أنها أضرت كثيرا بقائمات نبيل القروي ، وصرفت العديدين عن التصويت لها.
وعلى كل ، وحتى إذا تجاوز من يسمون أنفسهم بالحداثيين  ، ما يفرقهم شخصيا وفي العمق ، فإنهم لا يستطيعون سوى جمع ما بين 90 و95 صوتا ،  ربما تضاف إليها بعض أصوات من حصلوا على مقعد واحد ،  أي حوالي100 صوت على الأكثر ، إذا استطاع نبيل القروي والشاهد تجاوز العداء المستحكم بينهما .
ومن هنا يبدو وكأن تشكيل حكومة تحت هذا الواقع وفي وقت معلوم ، صعب جدا إن لم يكن مستحيلا ، وقد تكون تونس متجهة في هذه الحالة إلى انتخابات تشريعية جديدة ، سبق لنا أن أثرنا احتمالاتها ، وهو أمر وفي ظل الأوضاع السياسية الاقتصادية الاجتماعية الراهنة يبدو كانتحار سياسي .
 سيتهم كل طرف الآخر بأنه المسؤول عنه ، وقد يقود البلاد إلى رؤية يوسف الشاهد مستمرا كرئيس حكومة ، ولكن موثوق اليدين والارادة ، لا حول له ولا قوة ، ويقتصر دوره عي تصريف الشأن المستعجل ، دون حق في اتخاذ قرارات ترهن مستقبل البلاد حتى على المدى القصير.
لكن  أسئلة كبيرة تطرح نفسها هنا :
-        من سيتحمل مسؤولية هذه الحالة الكارثية ، لنترك جانبا الشعب الذي كانت تلك إرادته ، من من الاثنين بالذات ، الحزبان الكبيران المفرزان في هذه الانتخابات أي النهضة وقلب تونس ستتجه له أصابع الاتهام ، هذا أولا.
-        وثانيا هل يرغب النواب سواء العائدين أو الجدد  التفريط في هذه الفــــرصة ( النيابة )  من جاه ومال وحصانة ، أن يتركوها ، تمر فنحن لا ينبغي أن  لا ننسى أننا في بلد متخلف ، وليست المصلحة العامة هي قائدة التفكير عندنا.
-        أن القيادات من وجهة نظري يمكن أن ترتفع على خلافاتها سواء المبدئية أو الذاتية ، وأن تتوجه في إطار ما تدعيه من مصلحة عامة ، إلى تناسي تلك الخلافات ، وتتفق على ركوب البلاد ، وتقضية 5 سنوات أخرى في ما لا يعني ، ثم في آخر العهدة تغسل يديها بالجافال أو حتى بماء الفرق ، معلنة أنها براء من المسؤولية.
-        ولنقل وبوضوح ، أن طريقة الانتخاب أو الاقتراع المعمول بها في تونس ، والتي هندسها عياض بن عاشور لانتخاب مجلس تأسيسي ، وأصرت النهضة على بقائها ، هي التي أنتجت الكارثة التي نقف أمامها.
للعلم فقط فلو كنا استعملنا في هذه الانتخابات طريقة الاقتراع الأغلبي ، وفقا لنتائج انتخابات الأحد الماضي ، لكنا اليوم في مواجهة مجلس تكون نجحت فيه 25 قائمة نهضاوية بكامل أعضائها ،  وحوالي 8 قائمات لحزب نبيل القروي . ( وهز يدك من المرق لتتحرق)
-        ولنا عودة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق