سانحة
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
قم للمعلم
وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
تونس/ الصواب
/01/04/2015
أستاذ
الثانوي والإعدادي من حقه ولا شك أن يلجأ إلى الإضراب ، فهو إضافة إلى أنه حق ضمنه
الدستور، فهو وسيلة مشروعة للدفاع عن الحقوق.
ولا أريد أن
أدخل إلى متاهة ما إذا كان الأساتذة يستحقون تطويرا لمداخيلهم أم لا ، فكل الفئات
في تونس من الأجراء بما فيها الأساتذة
حقوقهم مهضومة ، ومواردهم محدودة ، و أحوالهم لا تسر أحدا ، ولكن العين بصيرة
واليد قصيرة .
ومهما كان من
أمر ، فإني معهم في إضرابهم من أجل تحسين الأوضاع ، ولكني لست معهم مطلقا في أن
يتخذوا من فلذات الأكباد ( وأحينا أكبادهم ) رهائن ، بالإعلان عن الإضراب
الإداري ، بداية من عدم إجراء الامتحانات إلى حد عدم إصلاح الباكالوريا.
الناس تلاميذ
وآباء وأمهات وإخوة وأخوات وأعمام وأخوال
، وجدود وجدات ، كلهم ينتظرون ساعة الفرح بنجاح أبنائهم ، فهل من المشروع حرمانهم
من تلك اللحظات السعيدة ، أو من الوقوف في وجه مستقبلهم ، الذي يحسب أحيانا
بالأيام لا بالأسابيع والشهور.
بعض الناس
اشتروا بعد هدايا النجاح، فهل ستقصف الفرحة من الأعماق، والبسمة من الشفاه.
لأقل أمرين
اثنين للداعين للإضراب الإداري والمصرين عليه:
أولهما أن
أعداد كبيرة من الأساتذة وهذا ما لاحظته ، ففي عائلاتنا وبين أصدقائنا أعداد كبيرة
من المدرسين، لا يوافقون على الوصول بالإضراب إلى الامتحانات ، وسينجر البعض
الكثير لذلك انجرارا، وربما هناك من لا يستجيب.
وثانيهما أن فئة
من الناس سيتجهون للمدرسة الخاصة بل وحتى
للمدرسة الأجنبية، الأكثر أمانا لمستقبل
أبنائهم ، والبعض منهم اتخذ بعد هذه الطريق على كلفتها المرتفعة ، ما يعني أن من يملكون المال ، سيضمنون لأبنائهم ما لن يكون
متوفرا بحال لأبناء الآخرين ، ممن يعجزون في هذا السباق.
وليكن واضحا،
للذين يسعون لتعطيل المسيرة التعليمية، عبر الإضراب الإداري، أنهم يدخلون نفقا
ربما يكون مظلما، فالسلطة لها أدواتها التي لم تهدد باستعمالها، ومنها التسخير ،
بنصوص قانونية يعود بعضها إلى القرن التسع عشر ، ولها مثيلتها في البلدان العريقة
في الديمقراطية ، مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ، والمستعملة لحد اليوم ،،
فالامتحان الوطني أولوية مطلقة وهو يمس الأمن القومي.
و الذين لا
يستجيبون للتسخير، يعرفون ما ينتظرهم، وهو ليس بالهين، قد يقال إن هذا الحجم من
المدرسين لا يمكن تطبيق تبعات التسخير عليهم كلهم، هذا صحيح ولكن يمكن أيضا تصور
الاختيار العشوائي كما حصل في بلدان أخرى.
لعل العقل
والرشد يعود، فلا لعب بالامتحانات الوطنية، وهي خط أحمر لا مجال لتجاوزه،
والامتناع عنها أو تعطيلها مساس بالأمن القومي.
كاد المعلم
أن يكون رسولا.. صحيح .. لكن الرسل لا تعبث بمصير أمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق