اقتصاديات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
تونس ...مركب بين الأمواج العاتية
تونس/
الصواب/15/4/2014
70 يوما أو
تزيد مرت على تشكيل حكومة الكفاءات من التقنوقراط، وعندما تقف أمام الفرديات من
الوزراء، يفتح المرء فمه فاغرا، للمستويات العالية جدا للوزراء أو على الأقل
غالبهم، وللتجارب في مجال الاقتصاد الجزئي ، وفي تسيير المؤسسات.
غير أن هذه
الحكومة التي كانت مدعوة للحسم السريع، مرت عليها فترة السماح القصيرة بذاتها
باعتبار المرحلة، دون أن تقدم على الخطوات المنتظرة منها، لتقويم حال مركب
تتقاذفها أمواج عاتية.
وباعتبار
الوضع الذي ورثته هذه الحكومة وهو وضع لا يمكن أن يوصف إلا بالكارثي ، فقد كان منتظرا منها أن تأخذ
الثور من قرونه، وتصارح الشعب، وتدعوه إلى شد الأحزمة، والقبول بتضحيات لم يعد
منها بد، حتى لا يغرق المركب بمن فيه.
ورغم ذلك فإن
هذه الحكومة وخاصة رئيسها ما زال يسودهما التردد، بينما إن كل يوم يمر يزيد، في
إغراق المركب.
ولقد كان
مفترضا أنه وبعد تقييم للوضع لا يفوق الشهر على أكثر تقدير، فالأمور بوضوح ساطع،
وتونس تتراقص على أمواج عاتية، والمسؤوليات في ذلك ليست في حاجة لمن يحددها فهي
محددة فعلا، وبعد التقييم فقد كان على هذه الحكومة أن تبدأ بمصارحة الشعب ووضعه
على بينة من أمره بعد سنتين من حكم لا نريد أن نصفه.
وبعد
المصارحة ، تأتي مرحلة القرارات الصعبة الموجعة، والحكومة لم تصارح الشعب حتى الآن
وبعد مرور شهرين، ولا يبدو أنها تتحرك من منطلق إصلاح وضع ،سيء وصعب وحرج باعتراف
الحكومة نفسها.
ولقد استمرأ
الشعب وضعا، تعيش فيه البلاد فوق إمكانياتها، وتعيش فيه العائلات فوق طاقة
احتمالها، وليست الدولة وحدها مستدينة وتزداد مديونيتها، بل أن العائلات هي نفسها
غارقة في جبال من الديون العالية.
إذن الحكومة
والتي كان الأمل معقودا عليها، لم تبدأ بمصارحة الشعب بوضع ليس صعبا ولا حرجا جدا
كما تقول، بل أبعد من ذلك، والحكومة وبعد أكثر من شهرين ما زالت لم تتخذ القرارات
التي يستوجبها الأمر.
وفي كل هذا
تغيب المصلحة العامة للناس، فيندفعون بلا شعور نحو حافة الهاوية إن لم يكن لقاعها
المظلم.
ومن هنا فإن
تحرك الحكومة هذه الحكومة على القيمة الفردية لأعضائها أو غالبهم وأما ترددها،
فإنها تزيد في فترة الانتظار، انتظار ماذا.
قد يفهم
المرء ما أقدمت عليه حكومات النهضة من جمود في معالجة وضع استلمته مترديا في أول
العام 2012 نتيجة أحداث الثورة، وكان عليها أن تجد له الحلول بشجاعة رجال الدولة
لا رجال السياسة، وهو أمر على ما يمكن للمرء أن يتفهمه لا أن يجد له المبررات،
علما وأن حكومة النهضة كانت عينها على انتخابات تريد أن تفوز فيها بأي ثمن، ولكن
المرء لا يفهم ولا يتفهم ولا يمكن أن يجد المبررات لحكومة ليس لها في الانتخابات
دور ولا إمكانية.
حقيقة أن
المواجهة صعبة، والقرارات التي تأخرت كثيرة عسيرة على الهضم، واتحاد الشغل بالذات
والمركزيات النقابية، ما زالت ليست في مستوى خطورة اللحظة،والقواعد العمالية
تدفعها مطلبية في بلد فيه مخزون عال من البطالة بعكس كل منطق ، ولم يفهم بعد ولم
يحاول أحد إفهامه ، بأن من يعمل اليوم ويتناول أجرا هو محظوظ.
كما أن
الحكومة لم تفعل شيئا لتمرير قرص الدواء الحر للطبقات الشعبية باتخاذ القرارات
المناسبة والسريعة لإبراز إرادة المساواة في معاملة المواطنين، عبر تفعيل القوانين
الخاصة بفرض الضريبة التصاعدية وملاحقة المتهربين، كما ملاحقة الإثراء السريع غير
المشروع وضرب التهريب أكبر مصدر لضرب الاقتصاد الوطني.
لقد جاء زمن
التضحية كل بقدر ما هو عليه اليوم من ضرورة المصارحة. والتضحية ليس من العمال
والعاطلين فقط، بل بالخصوص للذين ينعمون أكثر من غيرهم، ليس من منطلق الصراع
الطبقي ولكن من منطلق العمل على إقرار معاملة متساوية بين المواطنين، ووضع العبء
كله على الطبقات المسحوقة والطبقات الوسطى إن كانت ما زالت هناك طبقات وسطى.
ولكن هل من
مستمع وهل هناك حكومة في مستوى التوقعات، أم هي حكومة تصريف أعمال لا غير، في بلد
ما زال لم يع بعد أنه داخل الدوامة، وأنه قد يفاجأ يوما بأن الأجور قد تصرف وقد لا
تصرف، وبأن الغلاء الفعلي قادم ، قادم قادم، وبأن شظف العيش ينتظرنا.
أسباب كلها
تدفع للتساؤل إلى متى حكومة إنقاذ تبقى على هذا الجمود وهي ليست معنية لا
بانتخابات ولا بحكم على المدى المتوسط أو الطويل؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق