تونس إلى أين؟ |
بقلم عبد اللطيف الفراتي
الصواب / تونس /28/11/2020
قبل ثلاثة أشهر التقينا مجموعة ممن
نسمي أنفسنا من المثقفين يتوسطنا الزميل والصديق صالح الحاجة، الصحفي والكاتب
الكبير، تساءلت في عفوية: "تونس فين ماشية؟ إلى أين هي سائرة " ،أجاب
صالح الحاجة في لهجة استنكارية " مشات ووفات " بمعنى أنها انتهت
.....كان اعتقادي أن الصديق الزميل متشائم جدا ، ورغم أني
أكرر وأعيد التكرار منذ 9 سنوات ، إن لا شيء يسير على الطريق الصحيح ، ضمن عشرات
المقالات التي نشرتها ، على هذه المدونة، أو في صحف ورقية أو إليكترونية أخرى ، في
الداخل والخارج ، فقد بقي لي بصيص أمل ، في أن تونس بما فيها من خبرات عالية ،
يمكن أن تعود إلى الطريق القويم ، وتخرج من المتاهات التي قادتها إليها 5 أو ستة
انتخابات ، لم تتوفق فيها إلى العثور على
الكفاءات القادرة على إخراجها من المأزق، وفتح طريق مؤدية أمامها، للواقع ليس لنا أن نلوم إلا أنفسنا ، فنحن لم
نحسن اختبار قياداتنا التي يمكن أن تخرج بنا من عنق الزجاجة ، بل كانت اختياراتنا عاطفية هووية إيديولوجية
وبالتالي كارثية.
فقط رقم واحد أسوقه اليوم ولن أعود،
لقد كان معدل الدخل الفردي في تونس سنة 2010 خمسة ألاف دولار، وهو اليوم في مستوى
3400 دولار؟؟
وفي كل البلدان التي شهدت ثورات
حقيقية، في أوروبا الغربية، وأوروبا الشرقية، وأمريكا اللاتينية، وإفريقيا، وبعد
سنتين أو ثلاثة من التذبذب تجد طريقها نحو التنمية ولا أقول النمو، بمعدلات أعلى
مما كانت عليه في زمن الاستبداد، إلا عندنا حيث استبدلنا نسبة نمو بـ 5 في المائة سنويا
لم نكن لنرضى بها، بنسبة نمو بصفر في المائة طيلة العشر سنوات المنقضية.
بعد هذا لماذا نستغرب مما يحدث حاليا،
من اضطرابات مجتمعية ولا نقول اجتماعية، تتهدد وحدة الوطن وسلامته، خصوصا إزاء
تفكك الدولة، وعجز الحكومة الحالية عن استقراء الأحداث وما يمكن أن يتمخض عنها، في
غياب الحس السياسي الذي لا يمكن أن يدركه التكنوقراط، ممن ليس لهم تجربة بالفعل
السياسي، من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة والوزراء، إلى رئيس البرلمان، الذي
يقبع في أواخر الترتيب في كل عمليات استطلاع الرأي، وفي غياب شعور طاغ بتآكل الإحساس
بالانتماء إلى وطن، نتقاسم فيه وفي كل الأحوال الحلو والمر.
من لم يدرك للآن، فليدرك أن وطننا يشهد
خطرا محدقا، وأن هذا الخطر يتهدد بلادنا بأن تتحول من وطن موحد، إلى أشتات لا
يجمعها جامع وعندها لا تنمية ولا هم يحزنون، أشتات تتكالب على فريسة باتت سهلة
المنال لفرقتها وتشتت كلمتها وغياب الدولة وهيبتها.
نبهنا الأميرال كمال العكروت مستشار الأمن
القومي زمن الباجي قائد السبسي، وهو من هو، علما بتاريخ هذه البلاد ونظر
استشرافي وبصيرة نافذة ، نبهنا الأميرال
إلى ما ينتاب وطننا من أدواء خطيرة، في حديث صحفي، وإلى ما ينتظر وطننا ولا
أقول بلادنا، من اهتزازات لا يعلم أحد مداها، ولنتذكر معا أن شهر جانفي ( يناير كانون
الثاني) ، هو شهر الانتفاضات في بلادنا وفي غيرها من البلدان، قد ينتهي إلى
مآسي ربما تكون اعظم وأخطر أثرا من كل ما
عرفناه من قبل. خطر يتهددنا بمصير مخيف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق