Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 23 يوليو 2017

صفاقسيات 4 : واقع ومقترحات

صفاقسيات 4/4
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الثانية إليها خلال بضعة أسابيع 
صفاقس .. هل يعود الاعتبار؟ (4)
يبدو أن الحكومة اعترفت أخيرا بأنه تم إهمال صفاقس منذ عقود جاء ذلك  على لسان رئيس الحكومة ، و مضيفا أنه جاء الوقت لتدارك ما فات .
وقد اكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد وفق ما جاء في تقرير لوكالة الانباء الرسمية وات  لدى افتتاحه الدورة 51 لمعرض صفاقس الدولي التي تنتظم من 4 إلى 18 جويلية أن حكومة الوحدة الوطنية عازمة على إعادة الاعتبار للجهة وإنجاز تعهداتها تجاهها والتسريع بإنجاز كل القرارات التي تم الإعلان عنها لفائدتها خلال  زيارته الأخيرة التي اداها للجهة يومي 20 و21 أفريل الفارط وذلك رغم كل الصعوبات، بحسب تعبيره.
ويذكر إن رئيس الحكومة أعلن آنذاك عن حزمة من الإجراءات يقدر عددها بحوالي 40 إجراء تشمل عديد المجالات.
وقال يوسف الشاهد أن الشروع في تنفيذ عديد الإجراءات منذ الزيارة الى اليوم دليل على صدق الحكومة في المتابعة والتسريع بالإنجاز واستعرض في هذا الصدد مجموعة من القرارات والمشاريع التي شرع فيها مؤخرا منها الانطلاق في تفكيك الوحدات الملوثة أمس الثلاثاء ومشروع المكتبة الرقمية التي تم تجاوز الاشكال القانوني الذي عطل انطلاقها لمدة طويلة والإعلان عن طلب العروض لانجاز القسط الثاني من مشروع تبرورة الذي سجل 31 سحبا لكراس الشروط وانطلاق عدد من مشاريع تطهير الاحياء الشعبية.
كما ذكر بالإعلان عن طلب العروض لإنجاز القسط الأول من المدخل الشمالي الجنوبي لمدينة صفاقس وإنجاز 150 مسكنا اجتماعيا بساقية الزيت وفتح مكتب محلي للصندوق الوطني للتامين عن المرض في قرقنة وغيرها من المشاريع.
و قدم رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال زيارة أخيرة للولاية حزمة من الوعود يمكن أن تغير من سلوك حكومات ما بعد الاستقلال إزاء الجهة لخصتها الصحفية الأديبة المتميزة نجيبة معالج دربال ، في نقط نعتمدها فيما يلي :
ملخص لكلمة السيد رئيس الحكومة اليوم في 21 و22 أفريل  في صفاقس
 • الإنطلاق فورا في تفكيك كل الوحدات الملوثة بمصنع السياب وإيقاف كل إنتاج ملوث مع استصلاح الموقع والانطلاق في برنامج استثماري يقدر بـ 75 مليون دينار لتركيز قطب تكنلوجي ومركز بحث وتكوين حول الموقع.
• برمجة انجاز الطريق السيارة صفاقس – سيدي بوزيد – القصرين.
• إطلاق مشروع تحلية مياه البحر بقيمة مالية اجمالية تقدر بألف مليون دينار سيسمح بتوفير طاقة انتاج تبلغ 200 ألف متر مكعب في اليوم.
• إعطاء إشارة انطلاق اشغال بناء المستشفى الجامعي الجديد بصفاقس باعتمادات جملية تقدر بـ 120مليون دينار، على أن تنتهي الاشغال في ديسمبر من سنة 2019.
• الانطلاق في تهذيب 20 حي شعبي بولاية صفاقس على أن تنتهي أشغالها قبل نهاية سنة 2018.
• توسيع وتهذيب شبكات التطهير في كل من ساقية الزيت والشيحية والمحرس وساقية الداير والحنشة وعقارب وجبنيانة بمبلغ يقدر بـ 36 مليون دينار، والانطلاق في توسيع وتهذيب محطة التطهير بالمحرس على أن تنتهي الاشغال في ظرف 19 شهرا.
• تخصيص قطعة أرض لمشروع المدينة الرياضية التي تمسح 58 هكتارا لإقامة المشروع والإعلان عن تغيير صبغة العقار المخصص للمشروع والإذن بالانتهاء من المخطط الوظيفي للمشروع قبل نهاية السنة الجارية.
•الرفع من طاقة إستيعاب ملعب كرة القدم من 30 ألف الى 40 ألف متفرج وقاعة متعددة الاختصاصات بطاقة استيعاب تقدر بـ 6 آلاف متفرج وقابلة للتوسعة وملعب رقبي بطاقة استيعاب تقدر بـ 500 متفرج.
• الترفيع في طاقة استيعاب ملعب ألعاب القوى بالمشروع الى ألف متفرج مع المحافظة على المسبح بطاقة استيعاب تقدر بـ 500 متفرج.
• تعزيز المشروع بـ 3 قاعات للرياضات الفردية ومركز إقليمي للطب الرياضي ومركز إقامة بطاقة إيواء تقدر بـ 250 سرير ووحدة خدماتية بنفس طاقة الاستيعاب.
• انطلاق مشروع انجاز المكتبة الرقمية.
• بناء مقر واقتناء آلة "معجل خطي" ثانية لفائدة المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة واقتناء آلة "
pet scan " خلال الثلاثي الأول من سنة 2018.
• بناء وتجهيز مركزين لتصفية الدم بكل من الحنشة والصخيرة، على أن تنتهي اشغالها خلال سنة 2019 وإحداث وحدتين طبيتن متنقلتين للإسعاف والانعاش تنطلق اشغالها قبل سنة 2017.
• افتتاح مركز محلي للتامين على المرض ومركز محلي للصندوق الوطني للتقاعد والحيط الاجتماعية بجزيرة قرقنة قبل نهاية شهر أفريل الجاري.
• إحداث دار للخدمات الإدارية بالصخيرة.
• إحداث مركز محلي للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بطريق منزل شاكر بصفاقس قبل نهاية السنة.
• إحداث مكتب محلي للصندوق الوطني للتامين على المرض بكل من ساقية الداير وطريق قرمدة قبل نهاية السنة الجارية.
• إعداد برنامج لتهيئة المدخل الشمالي الجنوبي لمدينة صفاقس بقيمة 150 مليون دينار والتي اكتملت الدراسات بشأنها، وسيتم الإعلان عن طلب العروض للقسط الأول الخاص في شهر جوان 2017 والقسط الثاني في شهر سبتمبر 2017.
• اعداد برنامج لتهيئة المحولات على الطريق الحزامية لمدينة صفاقس بقيمة جملية تقدر بـ 140 مليون دينار، وسيتم الإعلان عن طلب العروض للقسط الأول خلال الشهر القادم على أن تنطلق الاشغال في شهر نوفمبر 2017.
• تهيئة الطريق الجهوية رقم 119 من المحرس الى عقارب بقيمة اجمالية تقدر بـ 118 مليون دينار، وستنطلق أشغالها في شهر أوت 2017.
• انطلاق برنامج تعصير الطرقات داخل المناطق البلدية بكل من صفاقس والصخيرة وجبنيانة خلال شهر جوان المقبل.
• إطلاق دراسة "صفاقس 2050"، وهي دراسة استشرافية شاملة لتطور مدينة صفاقس الى حدود سن 2050.
• إعداد مثال تنسيقي لجزيرة قرقنة اعتبارا لخصوصياتها الطبيعية تراعي المحافظة على البيئة والمحيط. وسيكون هذا المثال وثيقة مرجعية تضمن تلاءم أمثلة التهيئة العمرانية للجزيرة.
• اختيار مدينة صفاقس لتكون مدينة نموذجية لبرنامج الشبكة الذكية "صمارت قريد
smart grid" . وسيتم في إطار هذا البرنامج تركيز 350 ألف عداد ذكي من قبل الشركة التونسية للكهرباء والغاز.
• إعلان طلب عروض لإنجاز مشروع طبرورة والإذن بالإنجاز في أسرع الأوقات.
• تخصيص اعتمادات قدرها مليون دينار لصيانة وتهيئة المسرح البلدي.
• توسيع المنطقة الصناعية "دخان" من 50 الى 75 هكتار، وسيتم الانطلاق في أشغال تهيئتها سنة 2018.
• الإذن بالانتهاء من أشغال المنطقة الصناعية بساقية الزيت قبل موفى سنة 2017.
• إعطاء الموافقة ل600 طلب تمويل صغير لبعث مشاريع بولاية صفاقس من شانها خلق مواطن شغل بشكل فوري ومباشر بقيمة جملية تقدر بـ 6.5 مليون دينار.
•إمضاء 500 عقد في إطار برنامج "عقد الكرامة" لأكثر من 500 منتفع.
على أنه رغم سخاء عرض الحكومة فإن للمرء أن يلاحظ عددا من النقائص التي لم تتعرض لها الحكومة ، ولا يبدو أن هناك نية لديها في تحقيقها رغم طول انتظارها وبعضها منذ 1955 :
** تحويل مطار صفاقس إلى مطار دولي ، وتبسيط إجراءات الدخول إليه والخروج منه ، أسوة بمطارات تونس والمنستير والنفيضة وتوزر  وطبرقة ، فالاتفاق حاصل على أن استعمال هذا المطار منفر ، وذلك لأن الاجراءات البوليسية والديوانية ، فيها سيولة ويسر كما المطارات الأخرى ، وبالتجربة الشخصية ، كما يقول الكثيرون ممن أعرف ، فإنهم يفضلون استعمال مطارات تونس وغيرها لأنهم لا ينتظرون ولا ينتظرون للتفتيش الدقيق في المطارات الأخرى ، والمباشرة بفتح خطوط جديدة من وإلى صفاقس.
ويؤكد لي رجال أعمال ، أنهم يفضلون قطع مسافة  ثلاث ساعات والانطلاق من مطار تونس مثلا على ركوب الطائرة من مطار صفاقس.
** إنجاز ميناء المياه العميقة الموعود منذ فترة الاستعمار ، والذي كان جاهزا للإنجاز منذ ذلك الحين ، والتعلل اليوم برأي "الخبراء" ليس سوى مماطلة وتحويل للأنظار ووضع للعصي في  دواليب يوسف الشاهد وتعطيل إرادة رفع المظلمة .
**
غير أنه لا بد من القول أن سكان صفاقس المتشبثين بمدينتهم ومحيطها لا بد أن يأخذوا أمرهم بيدهم ، فعلى مر التاريخ وعدا مرات قليلة مثل تشييد سور المدينة من قبل الأغالبة في بدايات القرن التاسع ، وهو واحد من 5 أسوار عربية بقيت لليوم محيطة إحاطة كاملة بالمدينة العتيقة ، لا يذكر أن الحكومات المتعاقبة اهتمت بالمدينة ، وغابات الزيتون التي تعد مفخرة صفاقس والتي توفر قدرا من الزيت يتجاوز حجم غابة الزياتين  الوطنية التي تتجاوز عددا غابة صفاقس بأربع مرات باعتبار الانتاجية العالية والرعاية الموصولة  ، فهي من زرع أهالي المدينة وتصورهم لقيمة العمل ، كما إن ولاية عرفت بنتائجها العالية في الامتحانات الوطنية باستمرار وعلى مدى أحقاب ، وتأوي أول جامعة تونسية جاءت في الترتيب الدولي من بين الألف الأوائل عليها أن توكل للدولة العناية بأمرين اثنين :
1/ توفير هيكل أساسي كفيل بدعم المبادرة الفردية
2/ القيام بإنشاء ثلاثة مشاريع مصنعة كما حدث في كل الولايات حتى تلك التي تعتبر نفسها مهمشة ، وعلى سبيل الذكر فقد كانت صفاقس قبل الاستقلال معروفة بأن فيها أكبر مركزية كهرباء بعد العاصمة ، اندثرت وقامت سنترالات كهربائية في كل مكان إلا في صفاقس ،كما وعلى سبيل الذكر فقد أنشئت في عدد من الولايات صناعات الاسمنت وهي صناعات معروف أن لها تفرعات مهمة على منطقتها ، وأهمل إنشاء مثل هذه الصناعة في المدينة ومحيطها  ، ولم يعرض حتى على المستثمرين الأجانب مشروع من هذا القبيل بينما كان الترحيب بإنشائه في صفاقس قائما ، كما للمرء أن يتصور إنشاء مصنع للسيارات في مدينة مشهورة بصناعاتها الميكانيكية وبراعة أصحاب الورشات فيها ، وإني لأذكر عندما كانت "الصباح " تطبع في مطبعة "لابريس " في نهج باش حانبة ، أن قطعا من آلة السحب قد تعطبت  ، ولم يكن ممكنا وجودها في السوق بالنظر إلى أن آلة السحب مصنوعة في أول القرن الماضي وكان ميكانيكي إيطاليا معروف باسم جوجو هو الوحيد القادر على صيانتها ، وأذكر أنه وقتها أشار على مدير لابريس المرحوم عمر بلخيرية  بتصنيع تلك القطع في ورشة في صفاقس وهو ما تم ، واستمر العمل بآلة السحب سنوات عديدة  بعد ذلك ، حتى تم تجهيز لابريس بآلة سحب عصرية من فئة الاوفسات.
**
ثلاثة مبادرات لا يمكن أن توكل إلا لأبناء المدينة أو المنتسبين إليها حتى من ولدوا خارجها ويهزهم الحنين الدائم إليها :
** أيام دراسية سنوية على شاكلة تلك التي أنشأها منصور معلى في السبعينيات والتي أنتجت عدة مشروعات كانت تمت بلورتها وقتها ومنها جامعة صفاقس .
وإذ يمكن وضع تلك الأيام تحت رعاية ورئاسة شرفية لمنصور معلى أطال الله عمره ، فهو كفيل بالبحث عن الكفاءات التي يمكن أن تقودها  وأن تفرز عن طريقها مكتب دراسات قار ومستمر النشاط ،، ومن كبار وسامي موظفي الدولة ورجال الأعمال وعددهم ليس قليلا  ممن يحبون مسقط رأسهم القدرة على تصور مدينتهم ومحيطها في أفق 2050 ولم لا 2100،وبلورة المشروعات الثقافية   والتربوية والصناعية الكفيلة بأن تعيد للمدينة إشعاعها وأن تعطي أملا في المستقبل لمن يتخرجون منها فتمكنهم من أن يبدعوا فيها.
** إنجاز إذاعة وقناة تلفزيونية أهلية تكون رافدا مهما للجهة ولمكتب الدراسات المنبثق من الأيام الدراسية. ولا أخال أن رجال أعمال صفاقس  وغير صفاقس سواء في المدينة أو في الشتات سواء في البلاد التونسية أو خارجها ،عاجزون على توفير الاستثمار اللازم ، ولا الكفاءات الكثيرة في المجال الاعلامي سواء ، سواء من أصيلي المدينة أو من غيرها فكلنا تونسيون ، غير متوفرين بالعدد الكافي والقدرات والكفاءات الضرورية لقيادة مثل هذا المشروع الذي بنبغي أن يكون له إشعاع فوق وطني.
** إنشاء بنك في صفاقس يدعم المشروعات المطلوبة ، وكان بنك الجنوب قد فتح إدارته العامة في صفاقس بداية ، قبل أن ينقل إلى العاصمة ويضع اتحاد الشغل يده عليه ، وقبل أن يباع مفلسا إلى التجاري بنك المغربي. وهنا أيضا لا أخال أن رجال أعمال تونسيين وبنوك تونسية وخارجية لا تقبل على المساهمة في بنك يستقر بصفاقس لما تتسم به ، من سمعة عالمية جيدة  ونجاعة عالية في كل ما ينشأ فيها من مشروعات، آخرها ما عبر عنه السفير الفرنسي بتونس ، ولعل السيد منصور معلى الذي أنشأ في بضعة أشهر 4 أو 5 بنوك مع دول عربية ، لن يبخل لا بالمشورة ولا بالسعي ، وإن كانت الأمور أشد تعقيدا بسبب مواقف سياسية خاطئة  وعمى وقلة بصيرة ،  أقدمت عليها حكومات سابقة منذ التسعينيات ، أفقدت البلاد الكثير من إشعاعها ، وقدرتها على الاستقطاب.
انتهى




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق