Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 13 فبراير 2017

الموقف السياسي : ليبيا والسياسية التونسية الخاطئة

الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الخطإ القاتل :
الموقف التونسي من ليبيا
تونس / الصواب/13/02/2017
في 7/7/2014 جرت انتخابات في ليبيا انتهت بفوز الجانب المدني بأغلبية ساحقة ، وهزيمة مدوية للإخوان والداعين للدولة الإسلامية.
غير أن ذلك لم يرض الإخوان والجماعة المقاتلة وعبد الحكيم بالحاج وأزلامه ، ممن يسيطرون على ميليشيات مسلحة ، بعكس الداعين للدولة المدنية ، التي كانت موضع تأييد الأغلبية الانتخابية ، فانقلبوا على الشرعية الانتخابية ، وسيطروا على المنطقة الغربية بما فيها العاصمة طرابلس ، فيما اضطر  نواب الأغلبية الأحرار الذين صوت لهم الشعب ، إلى الانتقال  الجهة الشرقية  ، فاختاروا مدينة طبرق التاريخية كمقر للبرلمان المنتخب.
ولقد ارتأت  الحكومة التونسية إرضاء لشريكها حزب النهضة ، أن تكون في صف المنقلبين ، وقطعت كل علاقة مع الشرعيين ، وجاء بريمر الجديد كوبلر من الأمم المتحد لإيجاد حل " أمريكي " ، فأنشأ سلطة جديدة اعتبرها شرعية لتسلم مقاليد الأمر  لم يعترف بها أحد وإن كانت قريبة من الاسلاميين ، واضطر لوضعها أي تلك السلطة  بالقوة العسكرية في قاعدة بحرية ليبية تحت السيطرة الغربية.
وفي وقت كانت السلطة الأمريكية بين يدي أوباما  كلينتون ، بما عرف من تأييدهما للإخوان المسلمين ، انغمست أمريكا في تأييد الجهات الاسلامية حتى المتطرفة ، على حساب الشرعية الناتجة عن انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، إذ لا ننسى أن الجهة الغربية من طرابلس الواقعة انقلابيا تحت سطوة أشتات من الإسلاميين  ، من بينهم عبد الحكيم بالحاج الذي يستقبل بحفاوة في تونس ،  تؤوي المتطرفين التونسيين بمن فيهم أبو عياض ، ولعله من حسن الحظ أن جهة  لم تعلن عن نفسها  قنبلت قاعدة لهؤلاء كانوا يعدون للهجوم على بنقردان ، فقتلت منهم 100 ، وبقي 50 هم الذين نظموا تلك العملية الارهابية التي كان الجيش والأمن التونسيين لها بالمرصاد  في بنقردان  انطلاقا من ليبيا ، ونجحا  أي الجيش والأمن في تحجيمها قبل القضاء عليها ، وسحق  رأس الثعبان  وأعطاها دروسا في الشجاعة جديرة بالإشادة والتنويه ، ولنتصور أن الهجوم شمل 150 قتل ثلثاهم ، فإن جيشنا وأمننا وحرسنا كانوا قادرين على المواجهة ورد الرماح إلى رقابهم ولكن بأي خسائر يا ترى.؟
ودارت عجلة الزمن ، وأنهيت مهام المقيم العام كوبلر الذي يذكر بريمر في العراق ، وعين سليمان فياض وهو رئيس حكومة فلسطينية سابقة ، معروف بمدنيته وحزمه عين  مكانه ، فيما اتقلب الحال في واشنطن كما يلاحظ.
أما تونس فإنها لم تجد نفسها لا في العير ولا في النفير، فقد امتنعت عن تأييد الشرعية ، التي اعتمدت على الفريق حفتر ، والجيش الليبي ، وتنكرت لبرلمان طبرق تحت ستار حياد مغشوش ، تحت عملية إرضاء للنهضة شريكة الحكم ، وبدعوى أنها " لا تريد إغضاب المنطقة الغربية التي تجاور تونس ، ويمكن أن تصل تأثيراتها إلى بلادنا "، رغم أنها لا تخفي إيواء الارهابيين التونسيين وفي مقدمتهم أبوعياض ، ورغم التجاوزات التي تأتيها من حين إلى آخر.
وبالتالي فإن  تونس في النهاية ، ستجد نفسها في وضع صعب ، إذ وضعت كل بيضها في سلة واحدة ، بعكس ما يدعو إليه المثال الانجليزي الشهير ، ، بل عادت جهة متنفذة ، الشرعية إلى جانبها ورفضت الاعتراف بها ، و هي تحقق اليوم انتصارات حاسمة ، وغالبا لا أريد أن أقرن مع الرئيس بورقيبة ، الذي كان يتمتع ببصيرة سياسية ، والذي كان عند الاختيار لا ينجر إلا للجهات التي يدرك وفقا لمسار التاريخ أنها ستنتصر ، وبعضنا أي المرزوقي بالذات   على إفساد علاقاتنا  مع دولة الإمارات كما سبق له أن أفسدها في الأمم المتحدة تجاه مصر  في خلط بين مواقفه الشخصية ، ومقتضيات الدولة ، لتقربه من النهضة التي يظن خطأ أنها ستعطيه أصواتها في انتخابات رئاسية مقبلة ، كما سبقت أن أعطته أصواتها جملة وتفصيلا ، إلا بعض الأذكياء ، فيتربع على عرش قرطاج ، كما حصل له في مرة سابقة في غفلة من  الزمن فرفعته إلى سدة الرئاسة ، عندما تنكرت النهضة   للباجي وللولايات المتحدة  لوعودها وفضلته على الباجي قائد السبسي سنة 2011 ، بسبب ما أحرزه من مقاعد في المجلس التأسيسي  ، بعضها إخواني وبتصويت شعبي  نهضاوي .
ولعل الغلطة في الحسابات السياسية التي تم ارتكابها خلال سنتين ونصفا ، سيكون لها أكبر الأثر ، فحفتر ينتقل من الجزائر إلى مصر ، وتستضيفه البوارج الحربية الروسية ، وعموما فهو المقبول عربيا بينما تساعده طائرات الهيليكوبتر الفرنسية أباتشي، فيم ستضطر إدارة الرئيس الجديد ترومب إن لم يكن عن اقتناع  بل في اتجاه معاكس لإدارة أوباما/ كلينتون.
تلك عواقب السياسات التي لا تقرأ حسابا للمستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق