Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الثلاثاء، 5 أبريل 2016

بكل هدوء : اعترافا بجميل كبار هذا الوطن ،، ولكن لا بد من كشف حقيقة كل التجاوزات

بكل هدوء

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
ردا للإعتبار لرجال خدموا تونس
في زحمة الذكريات التاريخية
الماضي لم يكن دائما مشرقا
تونس / الصواب / 03/04/2016
في خطابه بمناسبة عيد الاستقلال ، أعاد رئيس الجمهورية الاعتبار فيمن أعاد للمناضل صالح بن يوسف ، الذي لا يمكن أن ينسى المرء أن بورقيبة افتخر يوما علنا بأنه إن لم يكن وراء اغتياله (؟) فإنه قام بتوسيم الذين قاموا بتصفيته ، وإذ تتزاحم الذكريات الوطنية تباعا من عيد ثورة 14 جانفي 2011 إلى عيد ثورة 18 جانفي 1952  إلى عيد الاستقلال إلى يوم الشهداء في 9 أفريل إلى غرة جوان 1955 و1959 عودة الرئيس الأسبق بورقيبة ثم إعلان دستور سنة 1959 إلى عيد الجمهورية في 25 جويلية  في 25 جويلية  إلى إعلان دستور 2014 ، إذ تتزاحم تلك الذكريات وغيرها فإن الأيام لم تكن دائما مشرقة.
ولقد أخذت الألسن تنحل عقدتها ، فقد صدر للشاذلي    بن  عمار كتاب ، عن المظلمة التي تعرض لها والده الطاهر بن عمار الموقع على الاستقلال التام والاستقلال الداخلي ، إذ وضع في السجن بتهمة كيدية لمدة أشهر هو وزوجته ، ويقال إن بورقيبة لم يغفر له أن يكون الحصول على الاستقلال قد نسب له ، ثم إن المختار باي الأستاذ الجامعي أرخ للمرة كذا  ـ في فضاء مؤسسة التميمي ـ للمظلمة التي تعرض لها محمد الأمين باي آخر ملوك تونس، لا فقط بعزله عن عرشه بصورة لا قانونية ولكن بمشروعية فعلية ، وقد سامه الذين أنزلوه عن عرش أجداده سوء العقاب ، رغم أن مسيرته كانت تتخللها فترات مشرقة وأخرى أقل إشراقا ، بين تحدي المستعمر والخضوع له ، فتمت معاملته على أسوء حال ، ولم يتمتع بالرمزية التي كان جديرا أن يتمتع بها بوصفه كان لفترة 14 سنة رمزا للبلاد باعتباره ملكها وممثل سيادتها.
وكما نال محمد الأمين باي معاملة سيئة على علو قدره باعتبار ما كان عليه من رتبة عالية ، فإن بورقيبة لم يسلم من نفس المصير ، حيث بقي في "سجنه الأخير" كما أسماه رجاء فرحات في مسرحيته الشهيرة 13 سنة ، لا حق له في مغادرة البيت الذي خصص له  في المنستير ، إلا لماما ، وبترخيص من خلفه ، بل لم يكن يحق لأحد زيارته ، حتى ابنه إلا بعد الاسترخاص يتطلب أياما وقد يأتي أو لا يأتي  ، وإذ لم تخصص للباي السابق جنازة تليق به  بل دفن في إطار من السرية وبعد عيشة ضنكة وفي محل مدقع الفقر ، فإن جنازة بورقيبة على ما قدمه للبلاد على اختلاف التقييمات لمسيرته ، كان مثالا لانتقام غير مبرر ، لما شابها من حصار فعلي وإعلامي غير لائق بقيمة الرجل ، من هنا للمرء أن يتوقف قليلا ، للقول بأن بلدا يحترم نفسه ويحترم رموزه ، لا بد  له وبعد ثورة مشرقة أن يعيد الاعتبار للرجال الذين قادوا مسيرته ، أو اختطوا له خطى كفاحه الذي توجه استقلال لا شائبة فيه على عكس ما يريد أن يوحي به البعض.
جميل أن يستعيد الفارس ركوب صهوة جواده في مدخل المدينة التي اقتلع منها ، بعد أن ساد في ذلك المكان على مدى 75 سنة جول فيري رئيس الحكومة الفرنسية ومهندس دخول الاستعمار الفرنسي لتونس ، رد الله غربته إلى موقعه الطبيعي ، ولكن أليس حفاظا لذاكرة الأجيال ، أن تقام تمثيل في مختلف ساحات العاصمة والبلاد تماثيل لصالح بن يوسف ومحمد المنصف باي ومحمد الأمين باي وفرحات حشاد والهادي شاكر والمنجي سليم والطاهر بن عمار   وحنبعل وسان أوغيستان ويوغورطا  وعقبة بن نافع ، وغيرهم كثيرون ممن طبعوا مسيرة البلاد وينبغي لهم أن يكونوا أحياء في ذاكرتها ، كل ذلك على غرار ما نشهده في الساحات الباريسية أو ساحات القاهرة أو ساحات روما.
ذلك دين في أعناق الأجيال اللاحقة واعتراف بالجميل ورد اعتبار للذين قدموا خدمات لا تنسى لهذه البلاد ، والواجب أن تحفظ ذكراهم ، ويعرف الصغار والكبار مدى تضحياتهم ، ومدى ما قدموه للبلاد ولتاريخها الممتد على آلاف السنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق