سانحة
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
هذه هي البداية *
تونس / الصواب / 07/03/2016
لم تكن عملية بن قردان هذا الصباح
مفاجئة ، بل لعلها كانت منتظرة ، وقد سبقتها عملية جس نبض انتهت إلى قتل 5
إرهابيين قبل أيام إن لم تكن ساعات.
وباعتبارها كذلك ورغم أهمية عدد القتلى بين المهاجمين من الإرهابيين ( ولا نقول
المسلحين كما قالت قناة الجزيرة في محاولة للإيهام بحيادها وموضوعيتها) فإنه لا يخفى علينا العدد الكبير نسبيا (حتى تتضح الصورة) من
الشهداء بين مدنيين وعسكريين وأمنيين قتلوا بدم بارد والبعض بسابق إصرار وعن معرفة
بهم وبأمكنة تواجدهم.
وإذ لا بد للمرء من ان يعترف بأن ما
حصل لا يستغرب أن يكون بإرشاد من طابور خامس ، لا بد من كشفه بأسرع وقت ، فإنه لا
بد أيضا من القول بأن هذه العملية ، تبقى من وجهة نظر العلوم العسكرية استكشافية
تجريبية ، فليس من المنطقي أن تكون داعش أو يكون أنصار الشريعة ، على قناعة بأنهم
سيحتلون مدينة بحجم بن قردان بخمسين أو ستين شخصا مهما كان تدريبهم ومهما كان
تسليحهم ، ويقيمون فيها إمارة إسلامية كنواة من نواتات الخلافة التي ينادون بها.
بل لعلهم دفعوا بذلك العدد إن صح وبلغ ذلك الرقم أو كان أقل أو أكثر بقليل ، لجس
نبض فقط وفي عملية انتحارية ، لمعرفة
أمرين اثنين :
أولهما مدى جهوزية القوات المسلحة
والقوات الشبه عسكرية ومدى يقظتها في تونس
.
وثانيهما إن كانت توجد حاضنة اجتماعية
من سكان المدينة قابلة لأن تكون في خدمة الفكر الجهادي الذي ينادون به والالتحام
مع هذه العناصر المهاجمة.
وإذ خضع الإرهابيون لعمليات غسل دماغ
، بالتبشير بالجنة والحور العين، وبمفاتيح الجنان ، كما تم أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، عندما
تم دفع عشرات ألوف الإيرانيين المغرر بهم من
صغار القوم ، للحرب على أمل نيل الشهادة ، فإن المسؤول عن ذلك هو الفكر الوهابي
المتخلف ، وأيضا دول ومجموعات معلومة لعل بينها ميليشيات ليبية من جهة ، وحكام أتراك وغير
أتراك وقفوا وراءهم ، ورحلوهم وأغروهم بالمال إضافة إلى تحبيب " الشهادة
" لديهم فضلا عمن عندنا وبيننا ،
وسربوهم إلى سوريا والعراق ، دفعا لإسقاط أنظمة قائمة ، من أجل عودة خلافة وهمية
بعد سقوط آخر الخلفاء العثمانيين قبل قرن.
ولعله جاء الوقت ليقدم البعض عندنا
واجب النقد الذاتي ، حيث إنهم عن وعي أو غير وعي ، وعن قصد وعن غير قصد ، أسهموا في الترحيل ، أو سكتوا عنه إن لم يباركوه أو لم يباركه
بعضهم ، وقد وصلت الشرور اليوم ومنذ الأمس القريب والبعيد ، إلى وطنهم أو ما يفترض أنه وطنهم ، باعتبار أننا
دولة وطنية état nation بالمفهوم
العصري للعلوم السياسية ، وأننا دولة بحدود وعلم وكل مقومات السيادة التي نشد
عليها بالنواجذ ، ولا نبغي عنها بديلا بوحدة أو خلافة .
إذن لنقل ،
إن ما جرى اليوم الاثنين 7 مارس ، ليس إلا بروفة من وجهة نظرنا ، وأن علينا أن
نكون متيقظين وفي كل مكان ، لأن ما حدث يمكن أن يكون مقدمة ، لعمل أكبر وأوسع .
وبعد أن بلغ
الطوفان هذا الحد ، فإن علينا ولا غضاضة في ذلك أن نقبل أي مساعدة شقيقة أو صديقة ،
لمن يريد لنا الخير في إطار من احترام
سيادة هذه الدولة ، التي تقوم على حضارة تعود لآلاف السنين ، دولة مهابة الجانب
منذ أزمان سحيقة ، دولة متمتعة باستقلالها منذ 60 سنة.
وإذ فشلت
محاولة جانفي 1980 على الرغم من مشاركة دولتين مجاورتين فيها بكل إمكانياتهما ،
فإن مصير أي محاولة للنيل من تونس سيكون مآلها الفشل .
وسنعيد القول
مع الشاعر محمد كمال عبد الحليم والفنانة
فائدة كامل :
احذر الأرض
فأرضي صاعقة
هذه أرضي أنا
وأبي ضحى هنا
وأبي قال لنا
مزقوا
أعداءنا
·
النشر بتزامن مع ليدرز العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق