Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 26 مارس 2016

سانحة : ما قبل .. وما بعد بروكسيل .. لن يكون الأمر كما كان قبلا

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
اندلاع الحرب العالمية الثالثة
تونس / الصواب/ 22/03/2016
كان الحديث حتى الآن يهم ما أسمي بالحرب على الإرهاب.
كان ذلك بمناسبة أحداث جانفي و نوفمبر في باريس  2015، وأيضا بمناسبة الهجوم الأخير على بن قردان الذي استهدف إقامة إمارة داعشية على جزء من  الأرض  التونسية ، بغرض وضع رجل في تونس تكون خطوة نحو إنشاء الخلافة الإسلامية المزعومة ، بعد أن خاب فأل تركيا و قطر في العودة للخلافة بعد قرابة قرن على سقوطها ، وبعد اليقين من أن مشروع سوريا  والعراق الداعشي قد فقد مقوماته ، وأن حلم  التراجع إلى ليبيا  ( معروف من يقف وراءه ) أخذ بالاحتضار بعد أن بات مستهدفا لضربات طيران لا تعلن عن نفسها.
أما اليوم وبعد واقعة بروكسيل عاصمة لا بلجيكا  وحدها ، بل أوروبا كلها ، لا  الاتحاد الأوروبي بدوله الثمانية والعشرين  فقط  بل المجلس الأوروبي الذي يضم 46 دولة أوروبية ، والبرلمان الأوروبي في بعض جلسات لجانه وخاصة حلف شمال الأطلسي ، مما يجعلها ليس فقط عاصمة أوروبية بل عاصمة دولية.
ومن هنا فإن استهداف بروكسيل والحقيقة أنها تدعى بروسيل إنما هو استهداف لأوروبا سواء في اتحاد دولها (28 دولة ) أو  مجلسها التنسيقي (46 دولة) ، إضافة إلى كل  العالم الغربي ممثلا في حلف شمال الأطلسي  الذي يضم دولا من أوروبا و أمريكا وآسيا والأقيانوس.
وبهذا الاستهداف فإن الإرهابيين  ( لم يحسبوها ) قد أطلقوا شرارة الحرب العالمية الثالثة ، التي ستكون حربا بلا هوادة ، سيمتد لهيبها إلى ما لا يتخيلون من المواقع عبر العالم ، فستلاحقهم أينما يكونون عبر حدود ستتفسخ جغرافيا كما أرادوا ، ولكن ليس كما كانوا يتخيلون بقيام دولة الخلافة ، وإنما  لا بالقضاء على وجودهم المادي فقط كأفراد  وجماعات ، ولكن أيضا  بالقضاء على وجود الفكر المرتد الذي يعتمدونه ، حتى أصوله  الأصلية ، وكل من وقف و يقف وراءه عبر مئات السنين  ، حيث إنه يمثل تناقضا صارخا مع كونية ، استقرت على قيم ومثل إنسانية لم يعد منها مهرب اليوم .
وكما تم القضاء على النازية والفاشية ، وحتى الفلسفات المناقضة للحريات العامة وحرية التملك والمبادرة  ، وهي فلسفات انحسر تأثيرها إن لم يتم القضاء المبرم على وجودها بعد ، فإن الفكر الداعشي والفكر القاعدي إن صح وسميا فكرا ، سيكونان على نفس طريق الأنماط التي تخرج عن منطق العصر ، والعقل من حيث الفناء.
ومن هنا  فإن بعد بروكسيل لن يكون كما كان قبلها ، إن حربا عالمية ثالثة قد اندلعت بعد ، ومعروف تقريبا متى بدأت ولكن ليس معروفا متى تحط أوزارها ، ولكن الأكيد أنها لن تتوقف إلا وقد تم القضاء على وجود معين وعلى " فكر " معين ، و ككل الحروب فستعرف فظائع كبيرة ، وتجاوزات خطيرة ، وستركن كثير من المبادئ على الرف ، وسيقبض على بعض الناس لمجرد الشبهة ، ويعاملون بقسوة بلا منطق  ، ويعاقبون عقاب الخاسرين في أي حرب، كما كان الشأن في نورمبرغ  بعد الحرب العالمية الثانية  ، وستكون "غوانتنامو" و " أبو غريب " جنة بالقياس لما سيأتي، في غياب القاعدة القانونية المتعارف عليها خاصة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق