بكل هدوء
|
بكل هدوء
في تونس
تعددت الدول ، وغابت الدولة
تونس / الصواب
/ 2مارس /2016
في تونس
اختلطت المفاهيم ، وأصبح الواحد منا حتى رجل السياسة ، لا يفرق بين الدولة
والحكومة والسلطة ، هذا فضلا عن الخلط بين تعبير الدولية ( برفع الدال) أو الدولية
( بتسكينها) ، ولكل معناه بين ما هو منسوب للدولة ( étatique) وما هو منسوب للعالم
(international) . غير أن الأخطر هو خلط المفاهيم بين الدولة
والحكومة والسلطة ، فالدولة في معناها كما جاء في العلوم السياسية هي شخصية
اعتبارية ، تضم كل مكونات المجتمع من سلطات ثلاث كما حددها فلاسفة عصر الأنوار من
فولتير ومونتسكيو وغيرهم ، الذين نظروا ( بتشديد الظاء وفتحها) لفصل السلط بين ما
هو تشريعي رقابي ، وتنفيذي ، وقضائي ، ومن
أحزاب ونقابات ومجتمع مدني وغيرها من مكونات الدولة ، ومن هنا فإن رئيس الدولة
سواء كانت جمهورية أو ملكية أو في أي شكل آخر من الأشكال هو رمزها ، فضلا عن أية
صلاحيات أخرى يعطيه إياها على اختلافها النص الأساسي الذي ينظم
سير الدواليب ويضمن الحريات العامة
، وكذلك كيفية التسيير سواء كان دستورا ، أو عرفا.
غير أن تونس
تعيش اليوم في ضبابية غامقة ، سواء بشأن مفهوم الدولة ، أو بشأن خلط كبير في
السلوك.
ولعل ما
تعرفه البلاد اليوم ، يطرح سؤالا كبيرا ، هل هناك دولة أم دولا متعددة بين
ظهرانينا ، فلقد بدا بعد الثورة ، ولنقل ذلك تجاوزا ، أن هناك الدولة القاصرة في
تحديد أدوارها ، وفي القيام بواجباتها ، وعدة دول أخرى تشقها تجاذبات حادة تكاد
تقطع أوصال الدولة كما هو متعارف عليها ،
إن لم تكن قد قطعتها بعد.
ولعل ما
يلاحظ وبالعين المجردة ، أننا يمكن اليوم أن نتحدث عن دولة النقابات سواء كانت
نقابات عادية همها المطالبة ، غير عابئة بإمكانيات البلاد ، بما يذكر بما كان عليه
الوضع أيام الجمهورية الرابعة في فرنسا بين 1945 و 1958 ، وقبل أن يأتي الجنرال
ديغول بالجمهورية الخامسة ، ويعيد الأمور إلى نصابها ، وبعض نقابات الأمنيين الطارئة على بلادنا ، ،
كما يمكن أن نتحدث عن دولة القضاة ، وإذا كنا نفصل السلط بما يقتضي
أن تكون السلطة القضائية منفصلة عن السلطة التنفيذية مستقة عن التنفيذي والتشريعي ، فإن السلطة
القضائية ليست منفصلة عن الدولة ، كما إن الموظف هو الموظف في كل أعراف الدنيا وهو
ليس دولة برأسها ، ولعل الموظفين الذين يعتصمون ويطالبون بعزل رئيس لهم ، ربما
لأنه يقوم بواجبه في تسيير المرفق الموكول إليه قيادته بكفاءة ، ويمنع عنه انعدام الانضباط ، أو ربما لأنه لا
يعجب لصفته العسكرية ، أو لأي سبب لا يمكن أن يدخل في اختصاصات السلم التراتبي ،
فالوزير وزير وهو المسؤول عن التعيينات ، وليس للموظف في القطاع العام أو المستخدم
في القطاع الخاص ( نقابيا أو غير نقابي )
أن يكون الآمر الناهي. أو الوصول لحد
اقتحام حرمة أكبر جهاز تنفيذي في البلاد
لمطالبة قد تكون مشروعة أو غير مشروعة.
وقس على ذلك
الكثير .
وكان من
نتيجة غياب الدولة ، أو لعله على الأصح القول السلط الموكول لها تسيير البلاد أي
بالذات الحكومة ، أن انهار الإنتاج والإنتاجية في البلاد ، ومن هنا جاء التصنيف
المخجل من أجهزة عالمية ، بأن إنتاج وإنتاجية العمل في تونس قد انخرمت ، وباتت في
أدنى أحوالها ، فيما المتعارف عليه أن العمل ، والموارد البشرية هما أكبر ثروة في بلد معين ، وليس الخامات
أو الموارد المادية .
ومن هنا فإن
تعدد المظاهر التي تقدم نفسها عمليا على أنها الدولة ، في غياب الدولة الحقيقية هي
أكبر سبب للتراجع السياسي و الاقتصادي
الملاحظ منذ 5 سنوات في البلاد ، ألم يكتب المفكر الأستاذ مصطفى الفيلالي في جريدة
الصباح ، مقالا بعنــــوان " هل بقيت
في تونس دولة ".؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق