Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأحد، 16 فبراير 2020

سانحة : وغاب الوعي

سانحة

يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تونس وغياب الوعي
تونس / الصواب / 16/02/2020
لنواصل الخصام الفارغ والتنافس على المقاعد الوزارية ، واستعمال الآلات الحاسبة جمعا وطرحا لمعرفة إذا ما كانت حكومة إلياس الفخفاخ ستمر أو لا تمر ، وما إذا  كان ينبغي أن تكون حكومة وحدة وطنية أو تكون حكومة إقصاء لطرف أو لآخر ، والخطر المحدق يهدد بلادنا ويهدد مصالحها الحيوية.
الرئيس رئيسنا في  لا هو في العسل ولا هو في السمن ، بين قصر قرطاج و"قصر " المنيهلة ، وحكومة تصريف الأعمال في تلاسن حاد مع اتحاد الشغل ، وحكومة التشكيل غير جاهزة ولا يبدو أنها ستجهز والغالب على الظن أن الثقة ستحتجب عنها.
وفي نفس الوقت ، الماريشال حفتر يطل على حدودنا الشرقية ، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات ليست الأفضل ، بعد أن وضعت تونس كل بيضها كما يقول المثل الانقليزي في سلة السراج ، الذي ما عاد يسيطر  أو ما عادت تسيطر ميليشياته الإسلاموية الارهابية ، إلا على 10 إلى 15 في المائة من التراب الليبي ، وعلى جزء صغير من  مدينة طرابلس  un réduit ، تقول كل الجهات المطلعة إنه ينتقل بينها وبين بارجة راسية في عرض البحر يتخذها مركزا لقيادته ، فيما أخذت تنضب بين يديه أموال البنك المركزي  الليبي نتيجة ، لقرار غالب القبائل المنضمة لقيادة حفتر، وقف ضخ البترول الذي كان يمول آلته الحربية بين يدي الميليشيات والمرتزقة السوريين الذين أوفدتهم تركيا في تناقض تام مع قرارات مؤتمر برلين الأخير .
لكن الأخطر من ذلك ليس إطلال حفتر على حدودنا الشرقية فقط  " وهو يسالنا مغيرفة دقيق " على رأي مثلنا الشعبي ، بل تجاهلنا الفاضح لتأثيرات الاتفاق بين السراج وأردوغان على تفاقاتنا مع ليبيا ، في شأن الجرف القاري ، الصادرة من محكمة العدل الدوليوة ، والموثقة لدى الأمم المتحدة ، وما تبعها من ممارسات لصالح بلادنا مع النظام الليبي السابق ، فتركيا بهذا الاتفاق أصبحت في حدودنا البحرية وصيادونا يعرفون تبعات ذلك ، كما إن هذا الاتفاق إذ يشمل غرب حوض المتوسط فإن امتداداته وفقا للعارفين بقانون البحار يمتد إلى مسافات كبيرة بعيدا عن تركيا ، فيما إن الاتفاق التونسي الإيطالي على الحدود البحرية ، الذي تم توقيعه عام 1970 بات مهددا تركيا ، بينما تتلكأ مالطا في تحديد الجرف القاري معنا مسنودة في ذلك بالاتحاد الأوروبي باعتبارها جزء منه ، وباعتبارها لم تعد تلك الدولة الصغيرة المسالمة ، بل باتت تشكل بحكم انتمائها الأوروبي تتحدث معنا من موقع أعلى  ، كما قال الأميرال كمال العكروت  أحد كبار الاستراتجيين في تونس ، في محاضرة ألقاها قبل أسبوع على منبر ودادية خريجي المدرسة العليا للادارة ، تكشف أسرارا لا يعلمها العموم ، وجاء الوقت لكشفها والتحوط من تيعاتها الخطيرة .
كل هذا في وقت ما زالت فيه بلادنا تعيش بلا حكومة بصلاحيات كاملة منذ ثمانية أشهر ، ورئيس حاضر غائب ، وفي بلد يعيش غيبوبة مطلقة تشقه ، اختلافات وحتى صراعات لا معنى لها ،  وفي حالة لا وعي بما يجري حولنا ، مغيبين عن المحافل الدولية المؤثرة  رافضين خضور قمم دولية وإقليمية في أعلى مستويات اهتماماتنا الاستراتيجية ، بينما الآخرون ينهشون ما يمكن وما لا يمكن نهشه.
متى عودة الوعي ومتى قيام حكومة تجمع كل الأطياف ، ولنذكر حكومة تشرشل عشية الحرب العالمية الثانية ،  التي جمعت كل التناقضات ما دام الوطن في خطر،  وحكومة غولدا مايير في إسرائيل عشية حرب الأيام الستة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق