Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

السبت، 17 أغسطس 2019

الموقف السياسي : هل إن الحسم سيكون مبكرا ؟

الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
صورة الحكم بعد أكتوبر المقبل ؟
تونس / الصواب / 17/08/2019
هل حسم الأمر واتضحت الصورة ، ولمن سيؤول الحكم بعد انقضاء شهر اكتوبر المقبل ؟.
غالب المراقبين للساحة السياسية  تسود لديهم قناعة مطلقة بأن الصورة  وإن كانت ضبابية  فإنها تنفرج عن بعض الضوء في اتجاه معين ، ، وإذا كان  كل شيء محتمل ، فإن  هناك من بات يسوده اعتقاد جازم بأن السباق الرئاسي بات يدور بين 5 أو 6 من المرشحين من بين 26 تحفل بهم  القائمة النهائية أو تكاد للترشح الرئاسي  وأن واحدا منهم بات على قاب قوسين أو أدنى من الهدف  ، وأن السباق في الانتخابات التشريعية التي ستجري في 6 أكتوبر المقبل سيكون  إلى حد كبير صورة لنتائج انتخابات الرئاسة ، باعتبار أن الناخبين سيعطون للرئيس المحتمل انتخابه  ، على الاقل البارزة ملامحه  منذ الدورة الأولي في 15 سبتمبر المقبل ، وسائل وأدوات الحكم التي يحتاجها لتسيير الدولة ، كما هو الشأن عادة في البلدان التي تجري فيها الانتخابات  الرئاسية قبل التشريعية ، وهو ما سعت النهضة لتجنبه بكل قوة سنة 2014 ، وسقطت فيه في 2019 وهو لا يخدم مصالحها ،على اعتبار أن وفاة الراحل الرئيس الباجي قائد السبسي ، قد فرض أجندا جديدة تسبق فيها الرئاسية التشريعية ،  باعتبار الشغور الدائم لمنصب الرئيس ، وبعثر أوراقها ، وفرض ديناميكية جديدة ، تقوم على حالة الانجرار الناتجة عن إعطاء الفائز في الرئاسيات أسبقية  ،  وفرصة إن لم تكن للسيطرة على نتائج التشريعية  ، فعلى الأقل البروز فيها  بأغلبية مهمة جدا قد تصل إلى حد البسيطة لا النسبية  ، مع ما يمكن أن تتوفر معه أغلبية برلمانية ، لم نعهدها منذ انتخابات 2011 ،  تعطي الرئيس المنتخب فرصة للحكم  وبيد شبه مطلقة   في حدود الصلاحيات التي يعطيها له الدستور أو ربما يتجاوزها ،  ما لم يتوفر لسابقية  المرزوقي وقائد السبسي  .
**
 وإذ كان السباق الحقيقي يدور اليوم بين 5 أو 6 من 26 مترشحا ، فمن سيكون هذه المرة العصفور النادر ، الذي سيكون ضيفا على قصر قرطاج لمدة  5 أو حتى ربما 10 سنوات.؟
في غياب عمليات سبر آراء معلنة ، وفقا لموانع قانونية ، فإن الأحزاب الكبرى والمترشحين بالذات يبدون على علم بنتائج عمليات استطلاع الرأي ، إن لم يكونوا قد طلبوها لحسابهم الخاص ، من هنا يحق السؤال : لماذا يواصل حوالي 20 مترشحا للرئاسة الحضور ، علما وأن استمرار حضورهم سيضر بمن لهم حظوظ حقيقية   للنجاح وقد يغير النتائج  ، وقد يحرم مماثليهم في التوجه من الوصول للمرتبة الأولى أو الثانية المؤهله لسباق الدورة الحاسمة  التى تصطفي الرئيس المقبل من بين اثنين من جملة المترشحين ، وبالطبع فإن عمليات سبر الآراء لا يمكن أن تعوض التصويت العام ، ولكن تلك الاستطلاعات تعطي صورة للواقع الانتخابي  في لحظة معينة  ، خاصة إذا تكررت من مؤسسات للسبر مختلفة تونسية وأجنبية  .
وعلى سبيل المثال فإن اليسار المنقسم على نفسه بثلاثة مرشحين وفقا لاستطلاعات الرأي ، لا يأمل حتى في الحصول  ـ بمرشحيه الثلاثة ـ  على نتيجة مماثلة لتلك التي بلغها في انتخابات 2014 حمة الهمامي ، كما إن التوجه الاسلامي ممثلا بأربعة أو خمسة مرشحين ويقول البعض 6 ،  بمن فيهم المرشح الرسمي للنهضة  عبد الفتاح مورو ، والذين سيشربون من معين واحد هو المخزون الاسلامي الذي يعتقد المراقبون أنه يراوح بين 25 و30 في المائة من مجموع الجسم الانتخابي ، تتقاسمه تجاذبات ستجعل وصول عبد الفتاح مورو للدور الثاني أمرا في غاية الصعوبة  إن لم تحدث انسحابات في الأثناء ، ففي تحقيق نشرته جريدة الشروق الاسبوع الماضي دون ذكر المصدر ، فإن خزان الاسلاميين سيضمن حصول عبد الفتاح مورو على نصف عدد الأصوات  الاسلامية ،  في مقابل أقل من الثلث لحمادي الجبالي وأقل من ذلك لمنصف المرزوقي والفتات لسيف الدين مخلوف ما يعني أن نصيب مورو سيراوح ما بين 12.5 و15 في المائة ،   ويبقى السؤال مطروحا ما إذا كان من حظه تجاوز عقبة الدور الأول  ، ويكون أحد اثنين في مناطحة الدور الثاني ، ويبدو الشيخ مورو في موقف لا يحسد عليه.
والأمر كذلك في ما يسمى بالعائلة الوسطية الحداثية ، وإن كان المراقبون يبدون متفقين أن عبد الكريم الزبيدي يتقدم الصفوف ، وأنه قد يكون الوحيد المرشح لاجتياز عقبة الدور الأول  في انتظار صورة الثاني ، ما يجعل الطريق لقصر قرطاج قد يكون مفتوحا أمامه  ، ويقول المدون العبدولي كاتب الدولة الأسبق إن المعطيات المتوفرة لديه دون ذكر المصدر،  تفيد يأن الزبيدي يأتي في المرتبة الأولى وعبد الفتاح مورو في المرتبة الثانية بفارق 6 نقاط ، ما يدفع للاستنتاج بأنهما المرشحان للدور الثاني.
وهذا يطرح سؤالا حارقا أين سيكون موقع كلا من نبيل القروي الذي كانت استطلاعات الرأي ترشحه للموقع الأول ، و قيس سعيد للموقع الثاني وعبير موسي للموقع الثالث ، ثم هل يكون رئيس الحكومة يوسف الشاهد  الذي يعتقد أن النهضة خذلته بتقديم مرشح عنها ، ولم تعتبره عصفورها النادر، وهو ما كان يتطلب منه أن  يضع نفسه تحت جناحها  فينتحر سياسيا ، كما كان شأن منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر في انتخابات 2014 . ويعتقد الكثيرون أن بقية الفريق الذي يعتبر نفسه وسطيا حداثيا ، فإنه لم يبق له إلا أن يواصل المغامرة ، إما بنتائج مخجلة ،  أو بالتفاوض على مواقع في الحكم المقبل ، وهو أمر ليس مضمونا باعتبار طبيعة من سيشغل الموقع الرئاسي .
ألم يقل المراقبون السياسيون من البداية ، إن وفاة الباجي جاء  في وقت حرج ، وقد بعثرت كل الأوراق ، وإلا فمن كان يمكن أن يراهن على احتمالات تعقيدات بهذا القدر ، ربما تكون النهضة ، ويوسف الشاهد وفريقه أكبر الخاسرين فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق