Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الجمعة، 2 أغسطس 2019

الموقف السياسي : مذا لو ترشح الزبيدي ، وماذا لو تم انتخابه ، أي مسار؟

الموقف السياسي


يكتبه عبد اللطيف الفراتي
تونس في حاجة ألى رئيس مدير عام
ومجلس إدارة ، لا لــــرئيس تقليدي
تونس / الصواب/ 01/8/2019
رحل الرئيس الباجي قائد السبسي وترك فراغا سياسيا ولا شك ، فالحنين يهز عادة إلى الرجال المسؤولين ، سواء تركوا أثرا طيبا أو أثرا سيئا ، وعلى ما يتسم به العمل البشري من تأرجح بين الطيب والسيء ، فهناك شبه إجماع على أن الرجل تميز بأنه قاد البلاد في أصعب الظروف ، بحذق ، وأنه مكن لها من أن تجتاز الخمس سنوات أو تكاد بسلام ، فلم تسقط في حرب مواقع ، كما مكنها من أن تحقق توازنا ، (صحيح )،  مهزوز ولكنه أيضا أبعدها عن أن تكون في وضع بلدان أخرى مجاورة. هذا عدا سنة حكمه في عام 2011 ، التي كانت تحسب له نجاحاتها ومكتسباتها.
لعل السنوات الخمس الأخيرة قد أبرزت كسابقاتها الأربع ، عجزا عن تحقيق التنمية، ورفع المستوى المعيشي للناس ، كما حصل في بلدان أخرى وفي مقدمتها مصر ، ولكنه مكن للديمقراطية ورديفها من حرية تعبير وحرية صحافة  ، أن تقوم بدورها التعديلي فلا يسقط المجتمع في متاهات الفوضى .
ذهب الباجي قائد السبسي ، وفي شعورنا الباطن والظاهر ، أنه لم يكن لائقا الخوض قبل نهاية فترة الحداد في أمر من سيأخذ مكانه ، فنحن لسنا في ملكية يقال فيها "مات الملك عاش الملك" ، بل نحن في دولة مؤسساتها بدت صلبة ، قائمة على نص دستوري ، ومؤسسات ، مهما قيل فيها فإنها لم تهتز لحظة ، ولعبت دورها بكل جدارة ، وإذ هناك من يقول ، بأن ذلك عائد إلى نضج الفرد التونسي ، فلعل للمرء أن يستنتج أن هناك شعوب ناضجة ، ولكن ردود فعلها قادتها للفوضى رغم النصوص الرائعة والمؤسسات التي كانت تبدو صلبة.
** إذن من سيقود السفينة بعد وفاة الباجي قائد السبسي ، الذي تجاوز حدود صلاحياته في كثير من الأحيان ، وفرض نفسه في عديد المرات كما لوكان في نظام رئاسي ، وهي كلها أمور لن يتسنى لمن يأتي بعده ليمارسها كما مارسها الرئيس الراحل ، بشخصيته الفذة (اتفقنا أو اختلفنا معه ) ، وبالكاريزما التي تطل من عينيه وكل حركاته وكلماته ، وبقوة شخصيته التي تشع ذكاء يصل إلى مرحلة الدهاء.
على اعتبار كل ذلك لن يجود علينا القدربرئيس مثل الباجي قائد السبسي مهما كانت الأحوال ، ومن هنا كيف لنا أن نتصور رئيسا يمكن أن يملأ الكرسي الوثير لرئيس الجمهورية :
-لنقل أولا أن الرئيس المقبل ينبغي أن يتسم بهدوء كبير ، وقدرة عالية على التجاوز.
لنقل ثانيا إنه رغم ذلك ينبغي أن يتميز بشخصية قوية ، قادرة على المواجهة في الوقت المناسب.
لنقل ثالثا ، أن هذه الشخصية ينبغي لها أن تنحني ولو مؤقتا للعاصفة ، ولا تواجهها فتنكسر.
ومن هذه الخصال ننطلق لنقول إن هذه الشخصية رغم محدودية الصلاحيات ينبغي لها من وجهة نظرنا ، أن تتجه لتحقيق أمرين اثنين لا غنى عنهما لبلد يسعى للنهوض من كبوته:
1/ التعبئة الكاملة من جانبه وفي إطار من الوفاق الوطني وإشهاد التونسيين في غالبيتهم على ذلك أولا لتطوير الدستور لجعله في جهوزية لقيام نظام حكم ناجع ، إذ كيف يمكننا أن نخرج من نظام الجمهورية الرابعة في فرنسا إلى منطق الجمهورية الخامسة بكل النجاعة التي عرفت بها بعد سنوات الخمول والركود التي عرفتها باريس رغم فيتو النهضة ،التي يلائمها نظام اقتراع لا يمكن أن يحقق أغلبية مريحة ، ما دامت هي ليس في الوارد أن تحقق ذلك باعتبار أن مخزونها الانتخابي غير قابل للتمطيط .
 ثم الدفع  خلال العهدة البرلمانية المقبلة لإقامة  المؤسسات الدستورية التي لا غنى عنها لاستكمال مظاهر الحياة الديمقراطية الحقة ، كل ذلك بعيدا عن المحاصصات الحزبية ، وفي إطار انتداب الكفاءات العالية كل في مجاله ، وأنا شخصيا لا أفهم ولا حتى أتفهم كيف يمكن استبعاد رجل من حجم سليم اللغماني من محكمة دستورية ، في هذا الزمن وفي تونس والأمثلة عديدة ، ليست القضية قضية نضال بقدر ما هي قضية كفاءة عليا.
2/ أن يكون الرئيس الجديد والثاني في الجمهورية الثانية    مؤهلا أكثر من سلفه، وغير  كبير في السن نسبيا ، ومتشبع بالعلوم الحديثة وله تكوين واسع وموسوعي، أن يكون ، ليس فقط رئيس جمهورية ، ولكن رئيس مدير عام مؤسسة بحكومة أشبه ما تكون بمجلس إدارة ، فطنة متيقظة ، متشبعة بمظاهر الاشعاع العالمي ، كما كان أمر تركيا مع ارئيس السابق أوزال ووزير اقتصاده كمال درويش سليل البنك العالمي  ، وهي التي حققت المعجزة التركية التي ينسبها أردوغان بكذبة كبيرة لنفسه ، وكما هو شأن رواندا اليوم التي تحقق نسبة نمو لا تقل  عن رقمين سنة بعد سنة ، رئيس مجلس إدرة في شكل حكومة تجوب العوالم التي يمكن أن نجد معها أفضل ما يمكن من أسباب التعاون والنجاح ، مغاربيا أولا عربيا ثانيا إفريقيا ثالثا ، متوسطيا رابعا إلخ .. وإني لأذكر في بداية سنوات التسعين عندما حول الوزير الأول حامد القروي آنذاك الحكومة بذلك الطابع ، عبر مصر والأردن واسعودية والكويت والامارات  والسينغال وساحل العاج ، و كل من المغرب والجزائر المتعاديتين وليبيا التي كانت وقتها خاضعة للحظر الدولي ،،
من هو الرجل النادر الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور.
باستعراض سريع للمترشحين للرئاسة ومن لم يقدموا ترشحهم بعد ، استشف اسما لعله ليس الوحيد ولكنه من وجهة نظري الأبرز ، وهو الدكتور عبد الكريم الزبيدي الذي تبدت كفاءته في كل المناصب التي شغلها إضافة إلى عفته ونظافة يديه لا يده كما يقال ، والذي أراه مسنودا بقمة اقتصادية عالية وكفاءة كبرى تتمثل في مصطفى كمال النابلي ، القمة العالمية والذي شغل منصب وزير التخطيط قبل أن ينسحب منه ، لخلاف مع الرئيس الأسبق بن علي ، واعتبر أفضل من تولى قيادة البنك المركزي  بعد الثورة  ، قبل أن يأمر الرئيس السابق منصف المرزوقي بإقالته قبل الأوان .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق