إقتصاديات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
إفلاس الدولة
ودواليبها
تونس /
الصواب/ 21/02/2019
ليس بمعنى
العجز المالي وإن كنا إذا استمر الوضع على ما هو عليه ، في مأمن من أن تتوقف
الدولة عن مواجهة التزاماتها المالية وغير المالية ، ولكن بمعنى العجز الكامل عن تأدية واجباتها
والقيام بدورها.
منذ ثمانية
سنوات ونحن غارقون في وحل لزج ، ويمر اليوم موصيا الموالي بأن يكون أتعس ، ولذلك
فليس من غرابة أن ينحدر أداء السلطة إلى الحضيض ، ويضطر البنك المركزي للقيام
بتعديل نحو رفع النسبة المديرية لكراء المال للمرة الخامسة ، في محاولة لإنقاذ ما
يمكن إنقاذه ، ولعل الأخطاء التي ارتكبت أكاد أقول عن قصد وسابق إضمار منذ 2011 ،
هي سبب مباشر ومتراكم لما هي عليه تونس اليوم ، فقد كان تعيين وزير الداخلية
الراجحي كارثة وأي كارثة ، ثم جاءت استقالة حسين الديماسي من وزارة المالية 6 أشهر
بعد تعيينه في جوان 2012 لرفض برنامجه الاصلاحي الذي كان ممكنا اعتماده مباشرة بعد
الثورة وفي خضمها ، ما اضطره لاستقالة لم يكن منها بد لاختلاف كبير مع حكومة
النهضة التي اتسمت في تصرفها وقتها بقلة المسؤولية ، وجاءت ثالث الأثافي عندما
اتقت النهضة الحاكمة ورافديها الضعيفين مصطفى بن جعفر ومنصف المرزوقي على إزاحة
مصطفى كما النابلي من منصب محافظ البنك المركزي ، مما قاد البلاد على مدى سنوات
على طريق التخبط النقدي ، وغياب أي سياسات مالية اقتصادية منطقية للدولة ، حتى جيئ
بالمحافظ الحالي مروان العباسي ، الذي أقدم منذ قدومه على دفع البلاد لتناول دواء
مر على جرعات صغيرة ، لم تكن كافية لتقويم مسيرتها ، أولا بسبب ضعفها وضعف مردودها
، وثانيا باعتبار أنه لم ترافقها سياسة مالية ولا اقتصادية لددولة ممثلة في
الحكومة الحالية ، واستقالة من السلطة القائمة ، ومطالبات شعبوية فوق الطاقة تجني
البلاد اليوم ثمارها الحنظل وما زالت ولن تزال تجني ، لعدم الرغبة - القدرة على
اتخاذ القرارات المرة الموجعة التي باتت أكثر من لازمة ، وكل تأخير فيها – ولا
يبدو أن هناك حرص على اتباع خطواتها – لا يعني سوى مزيد الغرق في وحل لزج أسود من
سواد الوضع الحالي الذي وصلت إليه البلاد ، في انتظار مرحلة قد يصل فيها الأمر إلى
الاضطرار لا فقط لتجميد المرتبات بل لعل الأسوء من ذلك ، وتكف فيه السلطة عن سداد
مستحقات مزوديها ، والمذاق الأول هو ما شهدته البلاد خلال الأشهر الأخيرة من سياسة
القحط والفقدان والندرة ، وهو مانقطع منذ عشرات السنين.
الانتاج تدنى
إلى الأدنى ، وقيمة العمل انعدمت ونسب النمو تدهورت ، وما تبع ذلك من انحطاط في
الأخلاق ، وانصراف عن بذل الجهد مع مطلبية متصاعدة ، فانخرمت كل التوازنات ولا
يبدو مع استقالة الحكام أن هناك أي أمل في إصلاح الأوضاع .
كل المؤشرات
من سوء إلى الأسواء ، والتوانات في المالية العمومية ، وفي لبميزان التجاري ، وفي
إنتاجية العمل ، كلها في انحدار ومعها
الاستثمار ومحيط الاستثمار القادر وحده على خلق الثروة ، وعلى توفير مناصب الشغل ،
ورغم جهود البنك المركزي للترقيع عبر ما يتوفر لديه من وسائل محدودة ، في غياب جهد
حكومي معدوم منذ ثماني سنوات قاد البلاد إلى الحضيض وما زال يقودها ، وليست سنة
الاستحقاقات الانتخابية هي التي ستشهد تحسنا ، بل إن الوعود الديماغوجية هي المسيطرة
،والطوفان قادم ، وكل يرمي المسؤولية ، الشعب على الحكومة والحكومة على الشعب ،
وكلاهما ليس في مسؤولية روح المسؤولية التي عرفتها بلادنا في وقت من الأوقات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق