Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الأربعاء، 27 يونيو 2018

الموقف السياسي : المؤامرة الوهمية وتداعياتها على مصداقية الدولة إن بقيت هناك دولة

الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
المؤامرة الوهمية
تونس/ الصواب /27/06/2018
بعد مرور فترة على إقالة الوزير لطفي ابراهم ، بدون سبب معلن ، وإن كان البعض عزاها لتورطه في مؤامرة على الحكم لم تتحدد أبعادها ، رددت أصداءها جهات موتورة وغير ذات مصداقية مثل لوموند أفريك وقناة الجزيرة ، ونسبتها للوزير بالتواطيء   مع دولة الإمارات ، بعد مرور فترة سكتت فيها السلطة عن  سوق أسباب الإقالة ، مما جعل الكثيرين يصدقون كذبة المؤامرة ، ها هي أصوات خجولة للوزيرين غازي الجريبي – الذي عوض ابراهم في وزارته ـ وإياد الدهماني ، وصوت أكثر شجاعة لوزير الدفاع النزيه  الأكبر بين النزهاء الزبيدي تفند هذا الزعم ، وتعيد للحقيقة وقعها ، بعد أن بات الأمر غير قابل للتراجع.
وقد فات الأصوات التي هللت وكبرت للكذبة البيضاء، وتبنتها أن عملية زين العابدين بن علي في 7 نوفمبر 1987، لم تعد ممكنة اليوم:
-        فمن جهة فإن النظام الديمقراطي القائم على هناته لم يعد يسمح بمغامرات من هذا النوع .
-        ومن جهة ثانية فإن الظرف الذي تأتى لبن علي للقيام بمغامرته لم يعد متاحا ، بن علي كان وزيرا أول ودستور 1959 المعدل عدة مرات كان يعطيه حق القفز على رئاسة الجمهورية في حالة الشغور سواء الطبيعي أو المفبرك، وهو ما لا يتأتى لوزير حتى ولو كان للداخلية .
-        ومن جهة ثالثة فإن دستور 2014 أوكل الخلافة لا للوزير الأول ولا لوزير في حالة الشغور بل إلى رئيس البرلمان.
والذين صنعوا الكذبة وأولئك الذين روجوا لها ، وأولئك الذين تبنوها وهم في حالة عداء معلومة وحتى معلنة ضد ابراهم ، هم أول من يعرفون أن الانقلاب غير ممكن ، لا عمليا ولا دستوريا ولا قانونيا، وكان عليهم أن لا يسقطوا عن حسن أو سوء نية في فخ الأكاذيب المكشوفة ، وأن يتأكدوا من مصادرهم ، ومدى مصداقيتها.
ما حصل اليوم وبعد أسابيع ، هو تبييض لرجل أخلص لبلاده واتهم ظلما بما لم يقدم عليه ، إلا إذا كانت إقالته الفجائية وغير الأخلاقية تعود لأسباب أخرى كان المفروض في دولة تدعي الديمقراطية أن يتم الإصلاح عنها ، حتى لا تبقى في السر ، أو في المهموتة كما يقال في تونس ، وما لم يكشف عنها ، فإن أصبع الاتهام يبقى موجها لرئيس الجمهورية ولحكومة ، لا تتوفر على أمر ، لعله الأهم وهو التضامن بين الوزراء ، وأكاد أجزم أن زملاء لطفي ابراهم بالأمس لا يعرفون شيئا عن سبب إقالة ابراهم بالأمس ولا بطيخ ولا العائدي ولا جلول أول أمس ، وأنهم وزراء بالصدفة ، لا تتوفر فيهم صفة الوزارة كما تعلمناها من أدبيات العلوم السياسية .
وغدا على الأرجح ستتم إقالة الشاهد، وستبقى الأعين مغمضة عن الأسباب  الحقيقية ، إلا ما يطفح من متناقض التوقعات ، ما يحيلنا لا على الأنظمة الديمقراطية ، بل الأنظمة الأخرى التي لا نجرؤ على تسميتها.
fouratiab@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق