الموقف السياسي
|
يكتبه عبد
اللطيف الفراتي
تشريح لواقع
الانتخابات البلدية
خفايا ما
ينتظر نتائج الانتخابات
تونس/ الصواب/ 28/04/2018
عندما ينظر
المرء في قائمات الترشح للانتخابات البلدية لا يفوته بنظرة سريعة ، أنها قائمات
جهات مدنية حداثية ، وقائمات يقال تنتسب
إلى توجه ديني وإن كانت تقول أن حزبها قد طلق مع توجهاته الدينية ، وانخرط بالكامل
في التوجه المدني امتثالا لمقتضيات الدستور.
وقد حاولت
قائمات النهضة أن توحي بمدنيتها وتوجهاتها القاطعة مع ماضيها ، فإن جانبا مهما مما
يعتبر نفسه حداثيا لا يصدق تماما ، مقولاتها ، رغم ما عمدت إليه قائمات النهضة من
إقحام وجوه حداثية في قائماتها بل أسندت رئاسة عدد منها إلى وجوه لا شك أنها لا تنتمي بأي صورة من الصور
إلى التوجهات الماضوية التي كانت عليها النهضة لحد سنة 2014 ، ما قبل وما بعد 30
يونيو 2013 في مصر ، وما حصل فيها من تمرد مدني كاسح ، سرقه العسكر واستعملوه شر استعمال.
وإذ ينظر
المرء بعين ناقدة مجردة إلى ما أمكن الإطلاع عليه من قائمات يلاحظ بسهولة أنها
تنتمي إلى 6 توجهات :
أولها .
قائمات النهضة بما حاولت أن تدخله من وجوه "مستقلة " وأحيانا مغرقة في
الحداثة.
ثانيها : قائمات
نداء تونس ، التي حاولت أيضا استقطاب أشخاص من المجتمع المدني ، ولكن ليس بكثير من
التوفيق ، فالسباق بين الندائيين كان شديدا
، للتواجد في تلك القائمات وفي الصفوف الأولى ، ما لم يترك كثيرا من الفرص
للمستقلين وفي الصفوف الأولى ، القادرة بالتالي على الفوز، خاصة في ظل قلة انضباط
القيادات والقواعد في هذا الحزب ، بعكس الانضباط الشديد في حزب حركة النهضة بين
القيادات والأتباع.
ثالثها : قائمات الأحزاب
المختلفة ويمكن اعتبارها أحزاب مدنية بعضها شديد العداء للنهضة وتوجهاتها ،
والبعض الآخر أكثر أو أقل قبولا بها واحتمالات التعاون معها ، لو قدر لمرشحين منها
أن ينالوا شرف انتخابهم كمستشارين بلديين.
رابعها : القائمات
المستقلة حقا عن الأحزاب والتي تعلن انتسابها غالبا للمجتمع المدني ، عدا قائمات
الموتورين من أحزابهم لعدم ضمهم لقائمات الأحزاب " الكبيرة"
خامسها :
القائمات المستقلة النهضاوية من وراء ستار ، والتي تناور بها النهضة.
سادسها :
القائمات المستقلة الندائية من وراء ستار والتي يناور بها نداء تونس.
في هذا
المشهد الكفكائي (نسبة للفيلسوف التشيكي كافكا ) ، وبنظام اقتراع الأسوأ القائم
على النسبية مع اعتماد أعلى البقايا ، والقليل اعتماده في العالم في الانتخابات
البلدية ، والذي كان مبرَرًا في انتخابات المجلس التأسيسي الذي كان مفترضا أن يدوم
عاما لا ثلاث سنوات ، وأن لا يحكم أو يراقب الحكومة القائمة التي كان مفترضا، أن
تكون حكومة كفاءات غير مرتبطة بانتخابات مقبلة ، وهو ما أدى من وجهة نظرنا إلى
الواقع السيء الموروث عن تلك الفترة ، وخاصة في المجال الاقتصادي ، وما كان ينبغي
اعتماده في الانتخابات التشريعية اللاحقة ، والتي لم تسفر عن تواجد أغلبية حاسمة
قادرة على الحكم واتخاذ القرارات الصعبة، إذن في هذا المشهد الكفكائي ، تدخل
البلاد انتخابات بلدية وإن يعسر التنبؤ بنتائجها أو حتى القيام بسبر آراء بلدية
ببلدية بشأنها .
**
غير أنه يمكن
تصور وضع يقوم على سيناريوهات معينة :
-
لنبدأ بالقول أن البلاد في هذه الانتخابات
ستعتمد نظام التصويت النسبي مع أعلى البقايا ، ولكن مع عنصر جديد وهو اعتماد عتبة
3 في المائة ، بمعنى أن القائمة التي لن تجمع 3 في المائة من الأصوات المعتبرة في
السباق ستسحب ولن تنال مقاعد.
ويخشى باعتبار هذا المعطى الجديد أن عددا من القائمات
وفي مختلف البلديات ، وخاصة تلك التي تترشح فيها قائمات عديدة ستخرج من المولد بلا
حمص كما يقول المثل المصري ، ما يعني أنها لن تتمتع بمستشارين بلديين، لكن الأخطر
من ذلك هو أن تلك الأصوات التي حصلت عليها القائمة ، والتي تكون أقل من 3 في
المائة ستكون مخسورة ، ولن يستفيد منها أحد نظريا ، ولكن عمليا ستعود فائدتها على
واحد أو أكثر من القائمات الفائزة ، باعتبار ما يجعل النسبة التي تحصل عليها تتضخم
طبيعيا بغياب من كانوا تحت العتبة في النتائج.
-
إن نظرة على القائمات في ثلاث بلديات كبيرة
حول العاصمة تونس ، تبرز أمرا معينا ، وهو أن العدد الأكبر من القائمات المترشحة
هي ما يمكن أن يوصف بالقائمات المستقلة ، ومحاولة النفاد إلى تركيبة هذه القائمات يجد أنها تنتسب ، في غالبها لما يمكن أن يسمى بالقائمات الحداثية ، وجانب
منها سيحصل على نسبة من الأصوات تقل عن 3 في المائة ، ويقول صديق متخصص في العلوم الاجتماعية
وفقا لتقديراته ، إن نصف القائمات المترشحة في بلدية قريبة من العاصمة ، مآلها عدم
جمع نسبة 3 في المائة أي دون العتبة ،
وبالتالي فهذه الأصوات ضائعة بالنسبة لقائمات حداثية أخرى ، ستجد نفسها مبتورة من
أصوات كان يمكن أن تعود لها ، ولكن منافسة قائمات تعتبر نفسها حداثية أخرى ( ولم تحصل على العتبة ) تحرمها من الحصول على تلك الأصوات ، ما يقلل من وزنها في البلديات التي يمكن أن
تمثل فيها ، باعتبار التصويت النسبـــي مع أعلى البقايا ، وهذا ما يمكن أن يضر بها
، أو بحصولها على أغلبية بلدية ، وما يؤدي لاحتمالات الحصول على رئاسات بلديات من جهات أخرى مناقضة ، وهي أي رئاسة البلدية ، الخطة المؤثرة في كل بلدية بقطع النظر عن
المجالس البلدية أو حتى مكاتبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق