عـــــــــــــــــــــــربــــــــــــــــــــــــــــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات
|
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تونس /14
/04/2018
بعد العدوان
الثلاثي
كلا
وألف كلا يا ماكرون
لا يكفي أن
يكون سقط العدوان ولم يحقق أهدافه ، لا العسكرية ولا السياسية ، ولكن الخزي والعار
أصاب ماكرون هذا الرئيس الذي كان واعدا ، فسقط كالبغل في أول فخ نصب له ، فخ نصبه
له من اعتبره العالم رئيسا ما كان ينبغي أن يكون رئيسا لأعظم دولة في العالم ، فهو
بمثابة المجنون ، وكم من المجانين في هذا العصر وصلوا للمناصب العليا في بلدانهم ،
غير أن هذا بالذات وصل إلى موقع يتحكم بمقتضاه في دواليب السياسة العالمية.
دخل في
مغامرة كان يظنها سليمة العواقب ، وجر في ذيوله لا أريد أن أتحدث عن رئيسة وزراء
بريطانيا فهي حقودة ومتهالكة ، والكل يقول
إنها لا تـــفقه في السياسة شيئا ، وأنها
تتخبط في التركة الثقيلة الموروثة لمغادرة الاتحاد بلادها الأوروبي ، ولكن الأغرب أنه جر أيضا في
تلك الذيول هذا الماكرون ، الذي انحدر إلى القاع كما كان انحدر في 1956 "غي
موللي" رئيس وزراء فرنسا الأحمق ، ورئيس وزراء بريطانيا الحاقد " أنتوني
إيدن " ، فما كان إلا أن مسحهما التاريخ وبسرعة قصوى من صفحاته ، يجران ذيول
الخيبة والعار ، وبسقوطهما سقطت
إمبراطوريتان كبيرتان ، إمبراطورية فرنسية ، وتلك التي كان يقال عنها إنها لا تغيب
عنها الشمس.
سوريا لم
تتهدد أحدا ، ولا اقتحمت حدود دولة أخرى ، صحيح أنها عاشت منذ 1970 تحت ظل نظام
دموي أسوأ من السيء ، ولكنها كانت أيضا ضحية مؤامرة دولية أمريكية - فرنسية –
بريطانية - تركية - سعودية – قطرية مستمرة منذ 7 أو ثماني سنوات ، لا من أجل نقلها
إلى عالم الديمقراطية ، بل من أجل تجهيل شعبها وارتداده من مساره الحداثي الذي
يعود إلى أكثر من قرنين ، إلى نمط مجتمعي متخلف رجعي يذكر بممارسات قرون الظلام،
صحيح أن كبار المثقفين والمفكرين أصيبوا بأزمة ضمير ، وبحيرة المفكرين ، أمام تناقض كبير ، هل يقفون إلى جانب نظام غاشم
يقوده قتلة ، أم إلى جانب حركة تابعة يقودها فكر ظلامي دامس قوامه جحافل داعش والنصرة ، ومن يقف وراءهم من قادة
سعوديين وقطريين وأتراك ، يسعون لتأبيد
فكرهم الذي لا ينتسب للإسلام مطلقا كما يدعون.
المستنيرون الحقيقيون على حيرتهم وارتباكهم كانوا ، يعتقدون أن معركة الدمقرطة في سوريا يمكن أن تكون مؤجلة ، وهي قدر الشعوب ، أمام خطر
التراجع إلى حتى ما قبل القرون الوسطى ، ومحاولة فرض نمط مجتمعي لا تقبله حتى
الحيوانات ، فلا وألف كلا لا .
المهم وكما
حصل في حرب السويس ، قبل 60 سنة ، عاد العدوان يجر ذيول الخيبة ، فلا الحكم السوري
مهما كانت سيئاته سقط ، ولا الدواعش والنصرة ، سجلا تقدما ، بل لعنتهم الشعوب ،
كما حصل مع مصر عندما اندحر العدوان الثلاثي ، وجر ذيول الخيبة والعار وبقيت
الدولة شامخة.
لم يحقق
العدوان أهدافه ، بل لعل المعتدين سيعرفون نفـــس مصير " غي موللي " و
" أنتوني إيدن " و " جورج
بوش الإبن" ، لعنة من التاريخ ، ولعنة من الشعوب ، يصحبهم في تلك اللعنة من
العرب من أيدهم ، ومن ساند فعلتهم.
ولعلنا نحن
الذين تشبعنا بمعاني فلسفة الأنوار الفرنسية فولتير ومونتسكيو وغيرهم ، ومن تبعهم ، ديغول ، وشيراك ممن وقفوا ضد
العدوان ، الأكثر حرصا على أن تعود فرنسا إلى نقاء سيرتها ، فتلفظ بلاد الثورة الحقيقية من غامر وركب مركب العدوان
والغدر ، وستصيبه لعنة الأجيال الفرنسية ، وسيتحطم مستقبله كما تحطم مستقبل "
غي موللي " الذي كان واعدا ، فانكسر بحيث لم تقم له قائمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق