الموقف
السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
عودة لاحتضان القراء الأعزاء، ولكن بإحباط كبير ..
تونس / الصواب /27/7/215
بعد شهر وعشرة أيام من الغياب نلت
فيها نصيبي من المرض ، إضافة إلى الإحباط بسبب الأوضاع السيئة التي آلت إليها
البلاد ، ها إني أعود إلى مدونتي العزيزة ( الصواب) التي أبثها آلامي وأحزاني ،
فأنا لست مطالبا بأن "أبيض" كل يوم مقالا كما كان حالي عندما كنت أشتغل في
صحيفة يومية هي جريدة الصباح ، التي بقيت تجري في دمي ، وتملأ علي ذكرياتها بحلوها
ومرها أيامي وليالي ، المدونة الشخصية لا تفرض لا دواما في الوقت ، ولا التزاما في
الموقف ، ولا خطا محددا مسبقا كما هو في الجريدة.
في 10 جوان لم أكن أتخيل وأنا أكتب عن
الانتخابات التركية ، أنني سأغيب عن الكتابة طيلة هذه المدة ، ولكنني وإلى جانب
المرض ، كنت في قمة الإحباط ، ليس لسبب شخصي ، ولكن لما آل إليه حال بلادي ، بما
لم أكن أتوقع أن ينزل إليه الأمر.
بوضوح فأنا لا أحمل أي حنين أو
نوستالجيا للعهد السابق ، (وقد لاحظ
الكثيرون أني لا أقول العهد البائد ولن أقول)، على ما تعرضت له من تنكيل واضطهاد،
ولكن في فجر أيام الثورة ، كنت أحمل من الأحلام الوردية حول مستقبل بلادي القريب
والبعيد ، وهو ما ستأتي الأيام لتبدده ،
ليصبح احتراف السياسة والصحافة بالأسوء ما فيهما هو السائد ، وكما في الحروب
والثورات ، فإن الثورة التونسية لم تشذ عن التقلبات الناتجة عن مثل تلك الظواهر ،
فقد تحول الكثير ممن عرفتهم يسيرون في ركب العهد السابق ، إلى ثوريين "
يقودون " مسيرة الثورة ، أو يوهمون بذلك ، بلا حياء ولا حشمة، ورأينا أغنياء
يفقرون ، وناس "في حالهم" يصيبهم الثراء بين يوم وليلة . أبطال مزيفون
تقدموا إلى المقدمة ، وآخرون قدموا ما قدموا من تضحيات وقد باتوا منسيين ، كما
كانوا أيام الحكم السابق ، لأنهم لم يسيروا في الركب ، ولم يضعوا أرجلهم في الركاب
، ولا ينوون أن يفعلوا لا هذا ولا ذاك لأنهم يتمتعون ، بأنفة ولأن تضحيتهم لم تكن
لا من أجل جاه أو مال بل من أجل بلادهم التي هي مثل البؤبؤ من العين.
المؤلم حقا والدافع للإحباط هو أن ما
نعيشه، هو سباق للكراسي وعلى الكراسي، وأن البرامج الموعودة منذ 2011 وحتى بعد
2014 لم يتحقق منها شيء ويبدو أنه لن يتحقق.
ثورة قامت من أجل أن يجد الناس أنفسهم
في وضع أفضل، فإذا بهم يعيشون التدهور.
الحسابات الوطنية تؤكد شهرا بعد شهر ، وحتى بعد حكومة الصيد أن كل شيء إلى الوراء، والمقياس الأكبر هو البطالة
التي تزداد تفشيا ، والمرشحة لأن تتعاظم ، فالأرقام الأخيرة تفيد بأن نسبة النمو
لن تكون 1.7 في المائة بل بالكاد 1 في المائة، ولما كنا نعرف أن كل واحد في المائة
في نسبة النمو تتم ترجمته إلى 10 آلاف موطن شغل محدث ( فرصة عمل)، فإن الاكتفاء
بنسبة نمو في حدود 1 في المائة وحتى اثنين ستترك على حاشية الطريق ما بين 60 و70
ألف عاطل جديد عن العمل ينضاف إلى مخزون بمئات الآلاف حاليا .( نسبة النمو تنتج عن
كل 1 في المائة 10 آلاف منصب شغل، فيما يزداد كل عام 80 ألفا إلى جحافل المطالبين
بعمل)
هل يتساءل الحكام والمعارضة في نفس
الوقت، لماذا قامت الثورة ؟، وما هي مطالب الثائرين؟
ألم تكن الكرامة هي المطلب الرئيسي ، وأول
مقومات الكرامة هو الشغل ، ونحن نصنع وبسرعة عطالة متفاقمة ، تصنع شآبيب الغضب
واليأس ، وتدفع إلى حلول اليأس .
وكل المؤشرات لا تبشر بخير ، وآخر الآخر انهيار السياحة ، بعد انهيار صابة
الحبوب وتقهقر الصناعة وخاصة المنجمية .
fouratiab@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق