عربيات
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
الموصل .. الخطوة الأولى
الصواب /
12/06/2014
بعد استيلاء
داعش ( دولة الاسلام في العراق والشام) على محافظة نينوى العراقية ، وعاصمتها
الموصل ، المدينة التاريخية العريقة والتي تتنازع المرتبة الثانية مع مدينة البصرة
في العراق ، ماذا يمكن للمرء أن يستنتج .؟
كل الدلائل
تشير إلى أن هذه الفرقة الوهابية التي تعتبر "القاعدة " منحرفة ، وليست من الاسلام في شيء ، وأنها هي وحدها
التي تحمل لواء الاسلام ، لن تتوقف عند هذا الحد وأنها تسعى وربما تنجح بعد أيام
أو لعلها ساعات في احتلال محافظة صلاح الدين التي تعتبر تكريت مدينة صدام حسين
عاصمة لها .
ولقد أطلق
صدام حسين المارد من قمقمه ذات يوم من أيام شهر أوت 1990 ، باحتلال الكويت ، مؤذنا
بأحداث جسام انتهت إلى تفكيك الدولة العراقية التي كانت مهابة ، وانتهى إلى احتلال
العراق وتفكيك أوصاله ،ووضعه تحت رحمة أمريكا من جهة ، وإيران من جهة أخرى التي
وجدت في جانب من سكان العراق من الشيعة ، أو على الأقل البعض منهم سندا قويا ، علما وأن
الشيعة في العراق يمثلون ما بين 60 إلى 65
في المائة من سكانه ، وأنهم رغم أغلبيتهم العددية الواضحة ، لم يتسن لهم قط حكم
العراق طيلة التاريخ ، حتى جاءت فرصتهم مع
سقوط نظام صدام حسين.
والسنة الذين
لم يتعودوا على حكم الأغلبية الشيعية لم يقبلوا قط بحكم الشيعة ، انتفضوا أولا تحت
شعارات وطنية وقومية عربية ، ليتطور الأمر نحو الانضواء تحت لواء القاعدة وتطرفها
، قبل أن يأتي التطرف الأكثر شدة مع داعش ، التي اتخذت شعارا لها قيام دولة عراقية
سورية واحدة ، تكون منطلقا لخلافة إسلامية شاملة "تعيد من وجهة نظرها للإسلام
بريقه وقوته وسيطرته ، اعتمادا على "تحكيم شرع الله" .
و من منطلقات
قومية بداية سنة 2003 لمحاربة الوجود الأمريكي - الشيعي ، وصل الأمر لتطرف ديني ،
بإحساس بأن المسلمين في العراق وسوريا أولا لا ينبغي أن يسقطوا تحت سيطرة الشيعة الاثني عشرية الصفوية ، ذات
الأبعاد القومية الفارسية ، أكثر من الانتساب للإسلام.
وإذ سيطرت
داعش اليوم على محافظة الموصل ، في طريقها للسيطرة على محافظة صلاح الدين ، في
اتجاه تهديد المناطق والجهات الأكثر ثراء في العراق ، وإذ سيطرت على مناطق واسعة ،
وتنازع مناطق أخر ضد جماعة النصرة المنتسبة للقاعدة في سوريا ، فإن هدفها يبدو واضحا ، وهو قيام الخلافة الاسلامية ،
باعتماد السيطرة على المناطق الأضعف في العالم الإسلامي ، أي الساحل الإفريقي ، ولم
لا الغرب الإسلامي الممتد من ليبيا إلى موريتانيا ، في انتظار السيطرة على مناطق
الخليج والجزيرة العربية.
وتعتمد داعش
كما النصرة على أعداد كبيرة من الوافدين العرب والمسلمين ، وجانب وافر منهم من
تونس ، يحاربون في الصفوف ، ولكنهم يعتبرون بمثابة جيش الاحتياط للوقت المناسب أي للسيطرة على بلدانهم.
ويبدو اليوم
أن الصراع شديد بين جماعة النصرة ، وينتسب إليهم وللقاعدة أنصار الشريعة ، وغيرهم
يحملون تسميات مختلفة في مناطق المسلمين ، ومن داعش التي يقال إنها تبدو أكثر
تطرفا ، إذا كان هناك تطرف أكثر من التطرف.
ويقدر
المراقبون في العراق أن لا داعش ولا القاعدة لهما مستقبل في هذه البلاد مهما كان الاحتلال لمناطق مؤثرة ،
وذلك لسبين اثنين :
أولهما أن
الحدود القصوى لداعش هي المنطقة الكردية ، المستقلة فعليا ، وإن كانت تتبع من
الناحية الاسمية الدولة العراقية ، مع
صلات متراخية جدا في الواقع بالمركز أي بغداد .
وثانيهما أن
الغالبية من العراقيين هم من الشيعة وديانات أخرى لا تقبل بحكم داعش ولا باعتماد "
تحكيم شرع الله "، وبالتي فإنها ليست مستعدة لأن تجد مكانا لديها لداعش ولا
للقاعدة ، التي تعتبر كلاهما المذهب الشيعي مذهبا منحرفا.
وإذ تعلن
داعش عن نيتها في التوجه جنوبا نحو العاصمة بغداد ، وحتى كربلاء العاصمة الروحية
للشيعة ، فإنها وفقا للتقديرات لا تبدو قادرة على دخول المناطق ذات الأكثرية
الشيعية ، أو السيطرة عليها.
أما في سوريا
فإن الوضع لا يبدو واضحا ، وإن كانت السلطة القائمة تبدو وكأنها تسجل نقاطا ضد كل القوى مجتمعة ،
خاصة في ظل الصدام بين داعـــــش والنصرة ،
وعداءهما كلاهما ( عدا عدائهما لبعضهما البعض ) للمعارضة اللائكية والجيش
الحر ومحاربتهما لهما بشراسة ، كل ذلك يخدم حظوظ النظام السوري القائم ، ويزيد من
قدرته على البقاء والاستمرار ، ويرشحهما في حالة التهدئة لإرسال المقاتلين إلى جهات
أخرى من المناطق العربية ، تكون تونس من بينها مستهدفة أو لعلها في طليعة
الاستهداف.
وإذا كانت
مصر والمغرب ذات حصون عالية تاريخيا و بحكم القوة الميدانية، والجزائر حاسمة بعد
سنوات الجمر، فإنه لا مجال لبلدان أخرى إلا أن تكون على استعداد لعودة أمواج من
الإرهابيين الذين لا دين و لا ملة لهم، تعودوا على القتل
فتتعامل معهم
بما يستدعيه الوضع من حزم سواء بالقوة المسلحة ، أو بالعدة التشريعية والترتيبية
اللازمة ، من ذلك إعداد معسكرات جد محروسة للاحتجاز ، وتوزيعها والفصل عن بقية
المساجين ، وغيرها مما عمدت إليه بلدان أخرى سبقت البلدان التي ليست لها تجربة في
التعامل مع هذه الظواهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق