Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

الموقف السياسي: إلى المجهول ؟


الموقف السياسي

يكتبه عبد اللطيف الفراتي
المجهول ؟
تونس / الصواب/ 17/09/2019
قالوا تسونامي .. وقالوا زلزال .. وقالوا انفجار بركان ..
كان ذلك هو رد الفعل الحيني عندما ظهرت أول مخرجات استطلاعات مغادرة 38 ألف من الناخبين فورا للخلوة بعد أداء الواجب والحق الانتخابي.
للحقيقة لم تكن المفاجأة عامة ، فمنذ أشهر كان الثنائي قيس سعيد / نبيل القروي يتصدران المشهد ، ومن هنا جاءت محاولة سن قانون انتخابي جديد يسعى على الاقل لإقصاء نبيل القروي وعيش تونسي من السباق درء لمخاطر مفاجآت أكثر من محتملة ، مر مشروع القانون .. أمام المجلس النيابي فصادق عليه بـ"الفورسابس " أو باستعمال الكلاليب ، وبإصرار من النهضة ورئيس الحكومة الشاهد .
وإذ شكك الكثيرون في مدى دستورية القانون المصادق عليه ، فقد جاءت المفاجأة بموافقة الهيئة الوقتية للنظر في دستورية القوانين ، على هذا القانون الذي اتفقت كلمة غالب إخصائيي القانون الدستوري على عدم دستوريته ، غير أن تحالفا مفاجئا بين نجل الرئيس آنذاك الباجي قائد السبسي ، والمتضرر الأول من هذا القانون ، دفع حافظ السبسي ويقال أمه ، إلى دفع الرئيس السابق  الذي لم يكن في كامل قوته سواء بسبب المرض المتمكن وسنه العالية ، لعدم ختم القانون  بالصورة التي أنقذت أبا خليل  ( نبيل القروي ) وعيش تونسي ، ووضعتهما من جديد على قاعدة إطلاق الصواريخ الانتخابية.
منذ ذلك الوقت بات مؤكدا عند الكثيرين أنه لا مندوحة من رؤية قيس سعيد ، البالونة المنفوخة للأقصى ( بشكل غير مفهوم عند الكثيرين )، ونبــــــيل القروي "  " فاعل الخير " في صدارة ترتيب المرشحين للمنصب الرئاسي ، ولم تنفع الشعبية المفاجئة للمرشح عبد الكريم الزبيدي الذي خرج من القمقم في آخر لحظة ، ولا القاعدة الصلبة التي كانت النهضة تعتقد أنها  تجلس عليها ولن يزحزحها عنها أحد  ، في تغيير المعادلة.
وحتى آخر لحظة ورغم صدور دفعة جديدة من استطلاعات الرأي ، تفيد بتقدم قيس سعيد والسجين بدون وجه حق نبيل القروي ، بقيت الآمال معلقة لدى النهضة من جهة وأنصار عبدالكريم الزبيدي من جهة أخرى في تغيير المعادلة .
لكن جاءت النتائج على غير توقعات أغلبية الناس ، فحصلت صدمة في البلاد ، واعتبر البعض أن تصدر قيس ونبيل ومرورها إلى الدور الثاني بمثابة الكارثة والتسونامي والزلزال وانفجار بركان لا يبقي ولا يذر.
وكان سبب رد الفعل هذا ، هو شعور غالب ، حتى بين بعض من صوتوا لهذا أو ذاك ، بأن البلاد تدخل في منطق جديد ربما يقود إلى مغامرة ، ولم يغب عن الكثيرين صدمة خريف 2011 عندما صعدت النهضة إلى الحكم ، وكانت النتيجة كارثية على اقتصاد البلاد وتوازناتها ، بما بقيت آثاره بارزة بعد 6 أو سبع سنوات ، خاصة بعد إفلاس الحكم الائتلافي لنداء تونس بمشاركة النهضة خلال السنوات الخمس الماضية ، وانهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس.
فلم يعرف  بين المترشحين للدور الثاني  ، برنامج مقبول بمصداقية معقولة  ، لا لقيس سعيد ولا لنبيل القروي يمكن للمرء  أن يطمئن  إليه  ، ولم يعرف من سيتولى معاضدة هذا أو ذاك من رجال اقتصاد واجتماع ،  لهم باع  وتصور قابل للبلورة والتحول إلى الانجاز.
ومن هنا جاء التخوف مما إذا كانت البلاد ستدخل إلى المجهول ، وما إذا كانت ثقة الممولين ، والمستثمرين على قلتهم ستتواصل دعما للمسار الديمقراطي المتفرد في العالم العربي ، وما إن ستكون هناك رؤيا واضحة أم لا ، وإن كانت البلاد قد فقد كل رؤيا واضحة منذ 2012 ، وباتت تتلمس طريقها في ظلام ، فالأمر سيكون أخطر بعد النتائج التي باتت معلنة رسميا.
**
 لكن ذلك هو الواقع اليوم ، لقد اختار الناخبون أي الشعب طريقه عندما اختار للدور الثاني رجلين بلا تجربة حكم سابقة ، ولا حتى تجربة إدارية بمعرفة دواليب الدولة.
للمشككين في شرعية ومشروعية نتيجة الانتخابات  بسبب ضعف نسبة المشاركة ، لا بد من القول ، إن ال 45 في المائة الذين تجشموا مشقة الانتقال للتصويت الأحد الماضي ، هم الذين يهمهم مستقبل البلاد أكثر من الذين آثروا التقاعس والبقاء في بيوتهم ، ثم ما أدراك ولو كانت نسبة المشاركة 60 أو حتى 80 في المائة أن تتغيرالمعادلة ، وأن لا يكون قيس سعيد ونبيل القروي في الطليعة.
**
ذلك هو واقع اليوم الذي لا مهرب منه ، والديمقراطي أو من يدعي أنه ديمقراطي لا مندوحة له بأن يعترف بنتائج ما أفرزه صندوق الانتخاب ، وأن يتعامل معه كحقيقة واقعة ، وأن يمر للسؤال المشروع اليوم ، وهو من سيكون رئيس الجمهورية من بين الاثنين المعروضين على الناخبين في الفترة المقبلة ، أيكون قيس سعيد أو نبيل القروي ، سؤال آخر حارق ، هل سيكون لنتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية تأثيرات على الانتخابات التشريعية المعينة ليوم 6 أكتوبر المقبل ؟
تلك أسئلة حارقة سنحاول الاجابة عنها في مقالات لاحقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق