الموقف
السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
5 أشهر قبل الانتخابات
تونس / الصواب /06/05/2019
قبل 6 أشهر من الانتخابات لا يمكن للبرلمان
إسقاط الحكومة ، وليست هناك حكومة تقبل بأن تحل نفسها وتستقيل ، إلا إذا بدا ليوسف
الشاهد أن يستقيل ، واستقالته تعني إستقالة
الحكومة ، ويكون بذلك في توافق مع الأخلاق السياسية العالية ، التي تفترض في
ديمقراطية ناشئة ، أن لا تجري الانتخابات بحكومة تتولى مسؤولية تسيير السلطة ، تجنبا
للتأثيرات الجانبية للحكام/ المترشحين ، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تأثيرات غير
محمودة.
لكن كيف يبدو الوضع اليوم وما هي ملامحه ؟
سنترك جانبا الانتخابات الرئاسية ،
ففي غياب غالب ، باحتمال ترشح رئيس قائم ، بطلب ولاية أو عهدة جديدة ، تبدو الحظوظ
نظريا متساوية بين الأطراف المقبلة على الترشح ، وإن لم يعرف لا عدد المترشحين
للرئاسة ولا أسماؤهم على وجه الدقة، وما يجري تسريبه عن احتمالات صعود هذا أو ذاك
قبل 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية ، لا يدل على شيء كبير ، فالفقاقيع تنتفخ
لتنفجر في انتظار انتفاخ فقاقيع أخرى ، حتى ترسي الأمور قبل 3 أو أربعة أسابيع من
إجراء تلك الانتخابات ، وبعد أن تكون اتضحت ولو كمؤشرات نتائج الانتخابات
التشريعية البرلمانية.
**
أخذ التونسيون يتعودون على حقيقة
جديدة لم يدركوا أبعادها في انتخابات 2014 الرئاسية ، وهي أن رئيس الجمهورية لا
يملك صلاحيات كبيرة ، وأن حقيقة الحكم هي بيد رئيس الحكومة لا رئيس الجمهورية ، إلا في الدفاع والخارجية ،
وإلى حد ما الأمن ، وأي رئيس مقبل بعد الباجي قائد السبسي بشخصيته الطاغية ،
وباعتباره رئيس الحزب الذي تنبثق منه الحكومة ، وبالتالي له دالة عليه ، سوف لن
يتمتع فعليا الرئيس الجديد بالسلطة
التي كان تمتع بها الرئيس الحالي ، حتى في
الميادين المخصوصة التي أوكلت إليه بحكم الدستور .
5 أشهر إذن قبل الانتخابات البرلمانية
، التي تركز حقيقة السلطات في يد المجلس التشريعي ، الذي يوكلها للشخص الذي يختاره
رئيس الدولة في اختصاص مقيد، ليترأس
الحكومة الذي بيده حقيقة السلطات.
الصورة الضبابية الحالية وفقا لمختلف
عمليات سبر الآراء ، تتفق على أن الحزب الأول في نسبة الأصوات وعدد المقاعد في
البرلمان سيكون النهضة ( إلا إذا حدث طارئ
غير متوقع ) ، وإذا كانت النهضة فازت بالمقام الأول ، فإن الدستور يبوؤها حق تشكيل
الحكومة ، وبالتالي يكون رئيس الحكومة منها.
غير أن النهضة وفقا لما تتفق عليه
عمليات سبر الآراء فقدت ما بين 25 و50 في المائة من مخزونها النظري قبل 6 أشهر ، واستقرت في وضع أدنى حتى
مما كانت عليه في انتخابات 2014 ، الذي كان هو الآخر أدنى من الانتفاخ الذي سجلته في انتخابات 2011.
وباعتبار هذا النكوص ، فلعل عدد
المقاعد التي ستحصل عليها افتراضا في
انتخابات أكتوبر 2019 ، لن يمكنها من النجاح في تشكيل الحكومة ، ولا ترشيح رئيس
وزراء يستطيع أن يجمع أغلبية مهما كانت ولو بسيطة.
واقع اليوم ينبئ عن توقعات لم تكن
منتظرة البتة قبل أسابيع ، فالحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسي ، تحقق تقدما
انفجاريا exponentiel يجعلها تقدم الصفوف بسرعة مذهلة، إذا تواصل بنفس الحجم ، ولعلها هي وحزبها ،
ستتقدم للمرتبة الثانية بعد النهضة ،
بصورة تجعلها تسبق حزب تحيا تونس أي حزب الشاهد ، وحزب نداء تونس الذي سقط بين
أيدي طوبال ، بعد أن فضلته رئاسة الحكومة على شق نجل الرئيس حافظ قائد السبسي، وفي
هذه الحالة وإذا صحت آخر عمليات سبر الآراء ، ولم تزد تعميقا فإن الأحزاب الثلاثة
يمكن أن تنال مجتمعة أكثر من 40 في المائة من الأأصوات ، وباعتبار طبيعة التصويت
النسبي مع أعلى البقايا ، وما يفرزه من عدد من المقاعد ، فإنها يمكن أن تنال أغلبية تفوق الـ 109 مقعد بحيث تستطيع أن تحكم ، دون أن تكون لها
أغلبية 2/3 ، الضرورية في حالات كثيرة ،
طبعا هذا إذا اتفقت ثلاثتها ، وإذا لم تنضم لها من فتات الأحزاب الوسطية الصغيرة ،
ما يمكنها بشيء من الابتزاز من إقامة أغلبية صلبة، بالنهضة أو بدونها.
وهذا ما بث الفزع
في حزب الاتجاه الاسلامي ، منذ نشر نتائج استطلاع الزرقوني ، فتجند المئات
على الفايس بوك ، لتوقع الأسوأ ، أو للتشكيك في نتائج الاستطلاعات ، هذا كله بقطع
النظر عما ستسفر عنه معارك الغرب الليبي ، وتطورات الجزائر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق