سانحة
|
يكتبها عبد
اللطيف الفراتي
مبروك
للسعودية التحاقها بالدول المارقة
تونس /
الصواب /22/10/2018
عندما دقت
الطبول في الجزيرة والقنوات التركية والميادين وغيرها ، معلنة اغتيال جمال خاشقجي
في مقر القنصلية السعودية في إسطنبول ، تريثت حتى أعرف حقيقة الحقيقة ، فكل تلك
وغيرها لا تتمتع بأي مصداقية ، وإذ تعلمت منذ وقت طويل ، أن الخبر أي خبر في حاجة
إلى تأكيد ، وأن الأخلاق المهنية الصحفية ، تحتاج مني إلى تثبت ، ففي موقعي لست في
حاجة للجري وراء الخبر قبل أن أتأكد وأطمئن.
وإذ كنت أعرف
من زمن طويل أن السعودية ليست رئيفة مع معارضيها ، فإني كنت أيضا معتقدا أن
القيادات السعودية ليست من الغباء لملاحقة وقتل مثل أولئك المعارضين في وضح النهار
وفي الخارج ، على شاكلة ما كان وما زال يفعله الإسرائيليون وما كان
يفعله القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد وابنه وقادة إيرانيون وروسيا وغيرهم ، وحتى
قادة قطر وتركيا بمشاركة سعودية، وهم الذين
زرعوا الإرهاب في بلادنا وفي غيرها ،
ودفعوا طائل الأموال ، وقاموا بتسفير شبابنا وبناتنا لبؤر التوتر.
ولم أكن أثق
لا فيهم ، ولا في إذاعاتهم وتلفزيوناتهم
والصحف المؤتمرة بأوامرهم، هم والذين يحركون قناة العربية والميادين
والمنار والعالم وغيرها ، والذين لا تهمهم الحقيقة بل يهمهم فقط الكيد لبعضهم
البعض ، فيتخذون من بسطاء الناس رهائن لدعاياتهم الممجوجة ، التي تقف وراءها
أجندات سياسية ، أبعد ما تكون عن الموضوعية أو الحيادية أو خدمة الحقيقة.
وإذ كان
التأكد مطلقا بأن السعودية بينها وبين حقوق الانسان ملايين من السنوات الضوئية ،
فلعل ما أقدمت عليه في المدة الأخيرة يتجاوز حدود العقل لا فقط في فظاعته ، ولكن
بالخصوص في غبائه ـ والاعتقاد الجازم لفاعليه بأنهم فوق المساءلة ، وأنهم بقوة
بلادهم المالية ، ووضعها الدولي كتابع لأمريكا يستطيعون النجاة بجلودهم ، وقد
انفضح أمرهم ، ولا نقصد التابعين المنفذين مقابل بضعة ملاليم ، والذين تم تقديمهم اليوم قربانا على مذبح غبائهم ، بل
الذين دبروا بليل من مواقعهم " العالية " وما هي بعالية ، جريمة انكشفت
خيوطها ، و فضحتهم في "عليائهم " بكل زيفها، وغبائهم .
قتل خاشقجي ،
ويحز في نفسي كإنسان ذلك القتل ويحز في
نفسي كحقوقي يقدس الحياة والروح البشرية والسلامة الجسدية ، ولكن يحز في
نفسي أيضا وأكثر أني عرفته كزميل في جريدة
الشرق الأوسط أو إحدى نشراتها ، كما تعاملت معه
من تونس ، عندما فتح صحيفة "الوطن" حيث اصطفاني كمراسل ، ولم
يستمر طويلا فيها ، واستبعدت مع من استبعد
ممن كانوا يعتبرون مقربين منه ، ولم أكن مقربا
منه ولا صديقا بل مجرد زميل ، ولكن لعله قدر مهنيتي فقط فدعاني لأعمل معه.
فقدت الصلة
بخاشقجي منذ مدة طويلة ، ولكن طريقة
تصفيته ، تؤلم الحجر ، وهذا الصلف
السعودي الرسمي (لا أتهم الشعب السعودي
فأنا أمج التعميم )، لا يدل على أن هؤلاء القتلة هم القوامون على المقدسات الاسلامية
، وتصرفهم هو هذا التصرف ، وسواء اعترفوا
أو لم يعترفوا فسيماهم على وجوههم ، تأكيدا ليس من أثر السجود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق