Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الخميس، 27 سبتمبر 2018

سانحة : ..واختلطت الاوراق

سانحة

يكتبها عبد اللطيف الفراتي
لماذا تحدث الباجي قائد السبسي
تونس / الصواب / 26/09/2018
الحديث الصحفي أو الحوار الصحفي أو المقابلة الصحفية ، تخضع دوما في الأعراف الصحفية إلى أحد منطلقين اثنين :
أولهما أن يكون للصحفي فضول لتعميق معلومات أو تحاليل ، يقدر أن المسؤول أي متلقي الأسئلة ، سيميط اللثام عن عناصر جديدة يمكن أن تثير اهتمام المتلقي ، وعادة ما يكون (المسؤول ) هنا ، شاعرا بأن له ما يريد أن يقوله، ولذلك يقبل أن يضع نفسه تحت المجهر.
وثانيهما  أن يكون المسؤول ، وبكل المعاني في حاجة لتبليغ رسالة معينة .. خطاب معين .. فيعمد لاختيار الوسيلة الاعلامية ، التي يرى أنها الأفضل لتبليغ تلك الرسالة ، ويبادر بالتوجه إليها.
وفي حالة الحوار الذي أجرته قناة الحوار التونسي ، قبل ليلتين مع الباجي قائد السبسي ، فإننا نميل حسب الخبرة التي اكتسبناها طيلة نصف قرن من العمل الصحفي ، وإجراء مئات الأحاديث الصحفية ، إلى الاعتقاد ، بأن الباجي قائد السبسي هو الذي كان وراء المبادرة ، عادة وفي مثل هذه الأحوال لتبليغ رسالة معينة في زمن معين ، ولذلك كانت قناة الحوار التونسي هي الأداة الواقع اختيارها ، وكانت مريم بالقاضي هي المستجوبة التي  تم اللجوء إليها ، فأدت دورها كما ينبغي لمستجوبة ذات حرفية عالية ، وبإعداد مسبق جيد جدا ، وبـ،"صفاقة" إيجابية وجرأة واستقلالية تشكر عليها.
ولكن يبقى السؤال ، إذا كان  ثبت أن السبسي هو الذي "أغرى" بإجراء الحوار، وكان هو من طلبه أو على الأقل تمناه  وأوحى به ، فلماذا أولا وهل حقق به الهدف الذي قصده منه. ؟
لماذا أولا : الاعتقاد السائد عند الكثيرين من المتابعين للشأن السياسي ، أن الحوار لم يأت في وقته المبرمج  أصلا ، وبالتالي لم يكن ممكنا إلغاؤه بعد انطلاقة الرصاصة ، أي بعد الإعلان عنه وحتى عن موعده ، فبين موعد الاعلان عن البرمجة والبث ، سال الكثير من الماء تحت الجسر ، أي تغيرت معطيات كثيرة لم تكن في الحسبان ، منها أساسا أن أركان الخارطة السياسية قد تغيرت ، وأن التوازنات انقلبت رأسا على عقب ، ما شتت أوراق السبسي وبعثرها ، ومن هنا جاء الخطاب بمعنى المخاطبة على غير خيط رابط  مضطرب.
في تقديري أن الأصل ، وهذا ما لم يتفطن له مستشارو الرئيس ، أو ما لم يتفطنوا لانقلابه رأسا على عقب ، كان يقتضي الإعلان عن تفعيل الفصل 99 من الدستور ،  فما دام الشاهد لا يريد أن يذهب إلى حتفه مختارا ، بموجب الفصل 98 بطرح الثقة في حكومته ، فلنا أن ندفعه لذلك دفعا بالفصل 99 الذي يفعله الرئيس نفسه ، فيقع سحب الثقة منه في المجلس ويضطر إلى استقالة رفضها أو رفض تقديمها وأباها ،وكان السيناريو يقتضي أن يكون هناك عدد من الندائيين يكفلون حجب الثقة عن رئيس الحكومة ، بالتعاون مع الكواكب المحيطة  بالنداء ، مع قناعة قوية بأن النهضة وفي الأخير ، لن تقبل بمغادرة التوافق ، وستضطر في النهاية للاصطفاف مع السبسي لا مع الشاهد حفاظا على الوفا.
غير أن  تسارع  وطأة مغادرة مركب النداء ،  الذي أوشك على الغرق ، من أعداد كبيرة من الندائيين ( الاوفياء ؟) ، الذين أعلنوا صراحة دعوة ابن الرئيس للتخلي ، إضافة إلى الخطإ الاستراتيجي ، الذي ارتكبه حافظ بقرار تجميد الشاهد في انتظار تمريره على لجنة التأديب لفصله ، أفاض الكأس المليئة أصلا ، وباتت تنحية الشاهد مستحيلة ، سواء بسبب عدد المنسحبين من حول حافظ السبسي ، إلى الحد الذي تدحرجت معه كتلة حافظ أو كتلة النداء  من المرتبة الثانية إلى المرتبة الثالثة وما زالت تتدحرج على ما يبدو ،أو بسبب الموقف المصمم من النهضة على عدم الأخذ بخاطر السيخ الآخر وتنحية الشاهد.
عشية الحوار الخطاب المبرمج ، وربما قبله بأيام ، وجد السبسي الأب نفسه معلقا en porte à faux   ، واتضح له أن اللجوء من طرفه للفصل التاسع والتسعين يدفعه إلى مغامرة عير مأمونة العواقب بل انتحارية ، فتراجع بدون انتظام ، تاركا الأمر لفرصة أخرى عندما يرى الأمر مواتيا ( إن واتاه يوما )بقوله : لا لاحتمال اللجوء للفصل 99 ولكن لا  الزمخشرية ( هكذا ) اللا تعتبر  هنا خطأ لغويا   ما كان له أن يرتكبه فهناك لن الزمخشرية ،  ولا ..لا الزمخشرية ، ولكن هل تكون اختلطت عليه السبل ، عندما اختار ترضية ابنه على حساب تاريخه وعلى حساب حزبه وعلى حساب وطنه .
 فخسر على طول الخط..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق