Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 4 أغسطس 2014

سانحة: عودة للأشهر القمرية

سانحة
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
تخلف
الصواب/ تونس /01/08/2014
عندما أقف للصلاة لا أسأل إن رأى أحد الشمس وما إن كانت أشرقت أو غابت، بل أعتمد إما على الأذان أو على التقويم في اليوميات التي تنشر قبل سنة وأكثر، أي إني وغيري من مليار ونصفا من المسلمين من منهم يصلي أو لا يصلي على الحساب الفلكي.
وإذا كانت الصلاة هي أول الفروض التي فرضها الله على مخلوقاته ، بداية من سن السابعة من العمر تعتمد الحساب الفلكي، فكيف يغيب عنا الحساب في تحديد بدايات الأشهر القمرية، فنلجأ إلى الرؤيا لا الرؤية والفارق اللغوي واضح وبين وجلي.
عناد لا يدل على كثير من الذكاء بل يدل على ما لا نريد أن نعلنه صراحة.
وفي وقت يتحدد فيه الشهر القمري بدقة لا متناهية ، ويتحدد فيه الشهر الهجري وهو وفقا لأقوال العلماء غير الشهر القمري، باعتباره يبدأ في ساعات معينة بعد ولادة الهلال عندما يصبح قابلا للرؤية، في زاوية فوق الأفق محددة مكانا وزمانا بدقة بالغة تبلغ جزاء من عدة ملايين من الثانية الواحدة.
وفي وقت تنزل فيه المركب الفضائية على القمر أو حتى على المريخ بعد رحلات تطول أو تقصر وحتى إلى الأجرام الأبعد والتي تستمر إليها الرحلة عديد السنوات بالدقة المتناهية وفي الثانية بالضبط المحددة لها ، ما زالت ثقتنا أو ثقة البعض منا كمسلمين بالعلم مهزوزة إن لم تكن منعدمة.
رحم الله زمنا في فترة بورقيبة كنا نعرف أعيادنا و رمضاننا  باليوم المحدد قبل زمن يمكننا من تخطيط ضوابط حياتنا.
ولقد جاء الجهل مع عهد الرئيس الأسبق بن علي ليحيلنا على زمن غير الزمن، في عدم اعتراف فاضح بالعلم، وهو ما استمر بعد الثورة ، ومكن لا فقط للتذبذب والتردد ، ولكن للفضائح أيضا كتلك التي ارتكبها مفتي آخر الزمان في إعلانه للعيد، فلا هو اعتمد الرؤية ولا هو اعتمد الحساب والعلم.
وإني لأذكر علي سبيل التندر دائما، أول مرة "اعتمد فيها تحديد دخول شهر رمضان "بالرؤيا مع الاستئناس بالحساب الفلكي" في أول عهد الرئيس الأسبق بن علي، فقد خرجت مع الخارجين لرصد الهلال لا أذكر في أي هضبة وقتها لأني كثيرا ما خرجت بحكم مهنتي من جهة وفضولي من جهة أخرى، ليلتها لم يسجل أن رأى أحد الهلال ، ولم يكن ليراه أحد لأنه لم يكن ولد بعد ، وفي مكتب سماحة المفتي جلسنا ننتظر إن جاد أحد بالرؤية، وفي الأثناء كان سعاد سفير المملكة العربية السعودية حاضرا وبين يديه تليفون طويل كبير RTM فلم تكن التليفونات النقالة موجودة سنة 1988 ، رن التليفون ليعلن أن الشهر قد ثبت دخوله في السعودية، وقام السفير إبراهيم الإبراهيم مهنئا وطاف على الجميع، بينما كان سماحة المفتي منهمكا في تليفوناته بين الولايات، حتى جاء الهاتف من نابل وكان الوالي وقتها صديقي مصطفى البوغازلي مؤذنا بحصول الرؤية من طرف شخص في بني خيار، واعتمد ذلك لإعلان دخول الشهر.
وأذكر أني تلقيت في اليوم الموالي مقالا علميا وكنت رئيس تحرير الصباح  من قبل أستاذ جامعي ينفي فيه بالحجة العلمية أن يكون الشهر قد بدأ فعلا نشرته رغم صداقتي واحترامي لسماحة المفتي الشيخ مختار السلامي الذي يعد للآن واحدا من أكبر علماء الدين عبر كل العالم الإسلامي  وقد خسرته تونس كمفتي بسبب وشاية خسيسة في زمن بن علي وكم كان للوشايات من دور في الإقالات لأكثر الناس كفاءة وأخلاقا  ، وقد نشرت المقال وأثار ما أثار في حينه  من ردود فعل سلبية، كان ذلك أول إتباع للسعودية ، واستمر الأمر منذ ذلك الحين، بما في ذلك هذا العام بإخراج سيء غير لائق.
امتنعنا عن اعتماد العلم ودقته فسقطنا ولله الأمر من قبل ومن بعد، في فضائح ما كان لها أن تكون، وتذبذبنا في إعلان موعد الصيام وموعد العيد ، وأجزم مع العلماء أنه منذ نهاية عهد بورقيبة فإن صيامنا وإفطارنا ليس دائما بالصحة الفائقة التي يضمنها اعتماد العلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق