Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 1 يوليو 2019

عربيات : هل تكون ليبيا منطلق حرب مدمرة ؟

عربيات

يكتبها عبد اللطيف الفراتي
بعد احتمالات  المواجهة المصرية التركية
نار  حامية تتهدد المنطقة العربية
تونس / الصواب/ 01/07/2019
بعد التطورات الأخيرة والتهديدات التركية / المصرية المتبادلة ، والدعم التركي للميليشيات الاسلاموية التي تسيطر على طرابلس والتي يرأسها رغم أنفه السراج، وما حصل في مدينة غريان ليس فقط من " تحرير" المدينة ، وما صاحب ذلك من تقتيل للأسرى والمجروحين في مستشفى المدينة من أنصار حفتر، وتهديد الجيش الوطني الليبي باستهداف المصالح التركية والنقل الجوي والبحري التركي الداعم للميليشيات الإسلاموية  ، والتي بلغ خطرها منذ سنوات بلادنا لما تؤويه العاصمة الليبية من إرهابيين،  نالوا من سلامة بلادنا وآخرهم ذلك الهجوم على بنقردان، بغرض احتلالها ، وإعلان دولة الخلافة منها، دخلت مصر على الخط مهددة تركيا بحرا وجوا إذا نفذت الآستانة عفوا أنقرة تهديداتها ، في ليبيا وواصلت دعم الميليشيات سلاحا ومسستشارين ، فيما وقف جيش حفتر دون قلب العاصمة  طرابلس ، عاجزا عن اقتحامها منذ 4 أفريل الماضي.
وإذا كانت دول عربية بعينها تدعم جيش حفتر ، فإن نظام أردوغان الاسلاموي الذي يحلم بعودة الخلافة ، التي انقضى عهدها منذ قرن على يدي كمال أتاتورك،   بقيادة " الخليفة " أردوغان متوسلا  لذلك بما يتحكم فيه من ميليشيات  أو ما يظن أنه يتحكم ،  وبعد أن كانت ليبيا آخر ممتلكات الخلافة العثمانية ، إثر  الغزو الايطالي ، وبعد تحرر الممالك الأوروبية التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية، ثم التفريط في الجزائر وتونس ، وبعد ذلك الطرد من منطقة الشرق الأوسط العربية  التي ضجت من الاستعمار التركي – العثماني .
غير أن تركيا أردوغان ـ التي كان وزير خارجيتها السابق  أحمد أوغلو في أول عهد أردوغان يدعو إلى تركيا بلا  عدو ولا عدو واحد ، أخذت  تركيا تفكر في التعاظم ، واستعادة امبراطورية ولى عهدها تحت سنجق "الإسلام " ، ولذلك وبعد الفشل الذريع في السيطرة على سوريا عبر داعش والقاعدة والنصرة ، و السيطرة على العراق عبر مدخل الأكراد ، والعداء المستحكم إزاءهم ، اتجهت غربا عبر ما اعتبرته الخاصرة اللينة   في العالم العربي أي تونس وخاصة ليبيا ، وإذ فشلت في تونس أو هكذا يعتقد التونسيون ، فإنها وجدت الفرصة مواتية في ليبيا ، حيث أسهمت في الانقلاب على نتائج صندوق الاقتراع  سنة 1914 ، فقدمت العون للميليشيات المختلفة للسيطرة على العاصمة الليبية فيما ، نقل البرلمان الليبي  المنتخب نفسه إلى المنطقة الشرقية ، التي طهرها من الميليشيات والارهاب ، عازما على تطهير العاصمة نفسها.
ورغم كل ما يقال ، فلا ينبغي أن ننسى أن الارهاب والسلاح الارهابي جاءنا في تونس من ليبيا ، وأن البلاد استقبلت في 2012/2013 قيادات إرهابية معروفة في مقدمتها عبد الحكيم بالحاج  الذي دأب على لقاء قيادات نهضاوية في إسطنبول ، كما إن " أبو عياض "  المهرب من تونس من قبل قيادة حكومة الترويكا ،  والذي لا ينوي خيرا لا لتونس ولا لديمقراطيتها التي يراها كفرا ، والذي كان وراء عملية بنقردان ، والذي يشاع دون أي تأكيد أنه قتل خلال غارة جوية ، قد أقام طويلا في ليبيا  تحديا للبلاد ، وحكوماتها المتعاقبة.
كما لا ينبغي أن ننسى أن تركيا كانت وما تزال أكبر سند للميليشيات الاسلاموية ، وهي التي تقدم لها المدد من السلاح الخفيف والثقيل ، توسلا لمزيد سيطرتها على البلاد ، واحتمالا التمدد إلى بلادنا ، بتأييد للأسف من البعض منا وفي مركز القرار.
غير أن ما يجري اليوم يتهدد بكل الأخطار المنطقة كلها ، ويمكن أن يتمدد الحريق من ليبيا إلى جوارها ، وتركيا بدأت التدخل في الشأن الليبي من زمان ولكن بصفة مفضوحة اليوم ، كما إن جزء من العالم العربي اختار الصف الذي يقف فيه ، في محاولة للقضاء على الارهاب الذي يتهدده والذي يبدو أن مصدره الأساسي الخاصرة الرخوة في طرابلس ، فيما البقية مثل تونس والجزائر في موقف المتفرج، بينما إذا اشتعل لهيب حارق في مواجهة مصرية تركية  محتملة ، بعد أن اختار كل منهما صفه بصراحة وبدون مواربة.
فالاحتكاك اليوم وارد بين أكبر قوتين في الشرق الأوسط كله ، أي مصر وتركيا ، والشرارة في هذه الأحوال لن تتوقف عند الدولتين الديكتاتوريتين ، الدولة التركية التي يحكمها بالحديد والنار أردوغان بخمسين ألف سجين بدون محاكمة  و150 ألف مطرود من العمل ، ونظام السيسي الدموي الحاكم الفرد في مصر، الذي لا يتأخر عن القتل والسجن وإبقاء مساجينه هو الآخر دون أحكام قضائية.
وإذ تقول تركيا إن 6 من أبنائها بين أيدي قوات حفتر ، وأنها تهدد بالويل والثبور إن لم يقع إطلاق سراحهم ، فإن حكومة الشرق الليبي تهدد باستهداف لا الطائرات التركية بدون طيار ، ولكن أيضا الطيران المدني التركي الذي تتهمه باستقدام الارهابيين والمستشارين العسكريين الأتراك ، وكذلك الملاحة البحرية التركية المتهمة بنقل السلاح الخفيف والثقيل إلى مصراتة بعد أن أصبح ميناء طرابلس "غير آمن" .
وإذ يبدو أن مصر المجاورة وترسانتها الضخمة ، تمتلك قوة رادعة كبيرة فإنه ليس للمرء أن يقلل من القوة التي يمكن لتركيا تعبئتها ، والتي يمكن أن تصل إلى أي مكان عدا أن لها مرافئ في الغرب الليبي  في يد الميليشيات وفي غياب الدولة الليبية ، يمكنها اعتمادها كقواعد صلبة .
غير أن هذه الاحتمالات الخطيرة لمواجهات تبقى واردة ، يمكن أن تخف بعض الشيء ، وإن كانت احتمالات التدخل المصري المفضوح مع حفتر ستصبح أكثر احتمالا ، مع  إمكانية التدخل المباشر أرضا .
كل الاحتمالات واردة ، ومنها وليس مستبعدا أن تشتعل المنطقة ، وأن تشهد تونس والجزائر بأقل حدة زحفا إرهابيا للذين لم تسعفهم الطائرات التركية بالتراجع نحو إسطنبول ، ولعل للمرء أن يذكر هنا ، الحرب المصرية التركية  في القرن التاسع عشر ، تحت حكم الخديوي المصري  محمد علي ، والتي قادها ابنه إبراهيم وانتصر فيها، وحقق استقلال مصر عن الخلافة العثمانية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق