بكل هدوء
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الانتخابات المقبلة تتأرجح إن حصلت في
موعدها.
** ما هي الأخطار إن تم تأخير
الانتخابات ؟
تونس/ الصواب/ 21/06/2019
بعد مصادقة البرلمان على القرارات
الاقصائية ، كيف تتبدى الأوضاع المستقبلية،
لنقل أولا أننا سننطلق من حالة من
التوقعات التي لا بد أن تتأكد على أرض الواقع:
أولا ، أن رئيس الجمهورية سيضع توقيعه
على القانون الأساسي الذي يستبعد نبيل
القروي وألفة التراس وربما عبير موسي من سباق الانتخابات المقبلة ، مما يفتح
الأبواب مشرعة أمام النهضة وتحيا تونس ويحتمل أن ينقذ أحزاب أخرى ، ولا بد من دفع
ثمن ذلك في الأغلب متمثلا في حق ابن الرئيس بالفوز في السباق الذي يواجه فيه الشق الثاني
بزعامة طوبال في نداء تونس، لنيل التوقيع الرئاسي .
ثانيا : أن يكون مؤكدا أن الهيئة الدستورية الوقتية لن تسقط التغييرات
المدخلة على القانون الانتخابي وتسمها بأنها منافية للدستور.
**
من هذا المنطلق وهو غير مؤكد ، يمكن
الدخول في تحليل الأوضاع السابقة للانتخابات المقبلة تشريعية ورئاسية .
ويعتقد كل من الغنوشي من جهة والشاهد
من جهة أخرى ، أنهما وغيرهما يُؤمنون المرحلة المقبلة باستبعاد كل الجهات التي
يمكن ، أن تضع ظلا كثيفا أمام احتمالات عودتهما للسيطرة على الواقع السياسي بنيل أغلبية مريحة ،
وتقاسم دواليب السلطة إلى حين ، ملوحين بعدم إقصاء الأحزاب "الصغيرة "،
باعتماد نسبة عتبة للإقصاء بـ 3 في المائة
لا خمسة في المائة كما كان مطلوبا.
وكانت عمليات سبر الآراء العديدة المنشورة منذ أقل من شهر ، توقعت أنه لو جرت الانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية
في الفترة الحالية ، فإن موجة قوية من
التصويت ، ستذهب لأربعة عائلات سياسية هي
بالترتيب :
-
مجموعة نبيل القروي الذي تعطيه آخر الاستطلاعات ما يمكنه وحده من نيل
أغلبية مريحة جدا قد لا تحتاج لدورة ثانية.
-
قيس سعيد الذي يسود اعتقاد كبير بأنه ليس سوى فقاعة وقتية ستنفجر من
ذاتها لافتقارها إلى قاعدة تنظيمية.
-
مجموعة عيش تونسي وزعيمتها المعلنة ألفة التراس ، ومن ورائها زوجها
الفرنسي مالبورغ الذي يقال إنه كان وراء حملة الرئيس ماكرون ونجاحه .
-
عبير موسي التي يشق حزبها الصفوف متقدما من يوم إلى آخر ، باعتماد
خطاب شعبوي لا يعترف لا بالثورة ، ولا بالنظام والدستور المنبثق منها.
وإذ توفقت أحزاب الحكم ومن ورائها حزب أو اثنان
آخران يسودهما خوف من أن يتم سحقهما ، من تواجد الأربعة أطراف المذكورة ، في مقدمة
التصويت ، للتدليل على أن صعود الأطراف تلك في عمليات سبر الآراء مرده ، اعتماد
شعبوية " ممجوجة" ، والعزف على أوتار فشل أحزاب الحكم ، وتردي أوضاع
الناس ، وإذا أصاب الهلع الأحزاب الحاكمة منذ 2012 وخاصة 2015، فقد دلت عمليات
الاستطلاعات الأخيرة أن الناس قد يكونون يبحثون عن وجوه جديدة للحكم غير النهضة ومجموعة نداء تونس وتحيا تونس
والأقمار التي تدور في فلكهما ، وأن الأطراف الأربعة تتميز بعذرية صحيحة أو وهمية
، ولكن أملا قد يكون معقودا عليها، بعد فشل أحزاب الحكم فشلا ذريعا خلال الثماني
سنوات الماضية.
من هنا فإن
الهلع الذي أصاب أحزاب الحكم أي النهضة وتحيا تونس ونداء تونس والتحالفات الموالية
لهما ، قد دفعها وفي الوقت غير المناسب ، لمحاولة تحصين نفسها ، للبقاء في الحكم ،
ومنع آخرين من الارتقاء إليه، بإدخال تعديلات سريعة على المجلة الانتخابية ، وإن
كانت تتسم بالشرعية فإنها تفتقر للمشروعية ، وتبدو منافية للأخلاق السياسية.
وإذا كانت تلك
الرغبة مشروعة ، باعتبار أن الأسلحة التي استعملتها تلك الأحزاب ، غير أخلاقية من
وجهة النظر السياسية ، فالسؤال المطروح هو متى كانت النهضة أو بقية أحزاب الحكم ،
لم تستعمل المال الفاسد وغير المعروف المصادر ،
ولو بدرجات متفاوتة للتأثير على التصويت.
الا أن لا أحد
أثار هذا الإشكال في انتخابات سابقة لعله بسبب تورط الجميع في تلك المسيرة ، غير
أن التهديد المباشر الذي أصاب أحزاب الحكم هذه المرة هو الذي أثار فزعها ، فالتجأت
إلى مقولة تخليق العمل السياسي في انتخابات 2019.
والنتيجة هي
إصدار هذا القانون الذي لن يصبح قانونا متمتعا بالقوة التنفيذية إلا بعد صدوره في
الرائد الرسمي ممهورا بتوقيع رئيس الدولة ، و بعد أن تتركه هيئة دستورية القوانين يمر
دون عراقيل ، وإن كانت تعتريه في نظر عدد
من شراح القانون الدستوري شوائب عديدة.
**
إذن فإن القانون يحتاج إلى ذاك العنصران ،
لاستمرار الاعداد للعملية الانتخابية التي ستنطلق للتشريعية في شهر جويلية بتقديم الترشحات ، وإذا سقط أحد
العنصرين ، فإنه من المحتمل الأكيد أن لا تجري الانتخابات في موعدها ، وسيكون لهذا
الأمر تبعاته الخطيرة ، لأن الثقة في تونس ليست قائمة على قوتها الاقتصادية
المهلهلة ، بل للضمانات الديمقراطية التي تتجه بها إلى العالم ، وإذ انتفى هذا
العنصر ، فإن الثقة ستنهار ، وربما وهذا شديد الاحتمال ، فإن ضمانة صندوق النقد
الدولي لتونس ، ستسقط ، ومعها ثقة الممولين في تونس واقتصادها ، وبدون إخافة أحد
فلعل البلاد تجد نفسها في عجز عن الوفاء بالتزاماتها:
أولا : عدم وجود
الموارد التي تكفل استمرار صرف المرتبات وجرايات التقاعد والمستحقات التي يدفعها
صندوق التأمين على المرض.
ثانيا : العجز
عن إيفاء الحكومة بالتزاماتها إزاء المزودين والمقاولين في سلسلة تصل لمزودي
المزودين و مرتبات أعوان الشركات الخاصة.
فالوضع السياسي
واستقراره ، والصورة السياسية التي تعطيها
تونس عن نفسها ، بأنها دولة ديمقراطية أو على طريق الديمقراطية ، لا ينبغي أن
تخدشها أخطار من هذا النوع ، قد تدخل البلاد في متاهات ، البلاد في غنى عنها ، هذا
بقطع النظر عن أن تعديلات القانون
الانتخابي هي تعديلات من وجهة النظر الموضوعية بدون معنى ، لأن منع أحزاب أو
مجموعات معينة من الترشح سواء رئاسيا أو تشريعيا ، يمكن أن يقع تجاوزه بتغيير في
الأشخاص أو بالقائمات المستقلة التي يعرف الناس لمن تنتسب من أحزاب أو مجموعات ،
أصابها الاقصاء. فتتجه الأصوات للجهات التي تنتسب إليها أصلا تلك القائمات ، أو التي كان مفترضا أن
تنتسب إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق