Citation

رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، ومن جاء بأفضل من قولنا قبلناه. الإمام الشافعي

الاثنين، 17 أبريل 2017

بكل هدوء : هل من طريقة للخروج من الأزمة الخانقة؟

بكل هدوء
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الصعود إلى الهاوية
تونس / الصواب / 12/04/2017
مع الأيام الثقيلة الظل تتوالى التطورات التي لا  تنبئ بأي خير ، فالسيولة السخية جدا التي يدفعها البنك المركزي إلى الاقتصاد ، بدون أي مقاومة لرغبات حكومة فقدت بوصلتها ، لا تعني سوى مزيد ارتفاع سريع في الأسعار والتضخم المالي ، بدل الهدف المعلن أي تجنب اختناق الاقتصاد ، وإذا أضفنا إلى ذلك هذا التراجع السريع والمستمر وغير المنضبط لقيمة الدينار ، وأثره الخطير على توازنات  البلاد الاقتصادية ، واعتبارا لآثاره المدمرة على الطاقة الشرائية ، فإن للمرء أن يتوقع أسوأ النتائج ،، إضافة إلى العجز المتفاقم سواء للموازنات المالية أو لميزان المدفوعات .
إن رفع حجم الكتلة النقدية ، بدون لا إنتاج ولا إنتاجية ، واستمرار تهاوي قيمة العملة الوطنية ، في غياب أي فائض إنتاجي كفيل برفع حجم  الصادرات ، مضافا إليه عوامل مدمرة منها بالخصوص ، سداد دين ثقيل بجانبيه الأصل والفوائد بدينارات أكثر بكثير ، باعتبار انهيار قيمة الدينار التونسي الذي سيشارف في مستقبل منظور 3 دينارات لشراء يورو واحد أو دولار واحد لا يعني سوى ارتفاع مستمر في الاسعار الداخلية ، من جهة وارتفاع كلفة السلع والخدمات المنتجة باعتبار اعتماد كبير أو صغير في الأسعار العالية المستوردة  للخامات أو المواد نصف المصنعة التي تحتاجها الصناعة والفلاحة والسياحة التونسية ، هذا فضلا عن الواردات المختلفة سواء للمواد الاستهلاكية أو الخدمات .
إن تونس برفع حجم الكتلة النقدية ، بدون سند إنتاجي ، وبترك الدينار يتراجع بسرعة وبدون حدود  إنما تسير لتأزم  أو زيادة  تأزم أوضاعها الاقتصادية ، وبالتالي الاجتماعية ، التي هي بصدد مشاهدة تدهور في الطاقة الشرائية للمواطنين  ، كل المواطنين وخاصة العاطلين عن العمل والعاملين في القطاعات غير المنظمة  والمتقاعدين من القطاع الخاص ، وحتى تكون المقارنة واضحة فإن نفس العملية الجراحية مع إقامة 5 أيام في المصحة والتي تكلفت سنة 2008  خمسة آلاف دينار كلفت منذ أيام 12 ألف دينار ، هذا فضلا على أن أتعاب الطبيب مرت في 6 أو 7 سنوات غالبا من 35/40 دينارا إلى 55 أو 60 دينارا عن العيادة.
أما الحكومة القائمة فهي مثل سابقاتها لا تريد أن تعترف للشعب بحقيقة الأوضاع الاقتصادية في البلاد ، حتى اليوم الذي تصبح فيه في وضع شبيه بوضع اليونان منذ 2008 وحتى الآن ، بدون المدد الذي تمتعت به أثينا من قبل الاتحاد الأوروبي بوصفها عضو فيه ، فيما إن تونس لا سند لها ، وحتى صندوق النقد الدولي الذي نكص على أعقابه ، لأن الحكومة التونسية الحالية تراجعت عن التزاماتها ولم توف بها ، وتواصل تسيير الاقتصاد الوطني بصورة ليس فقط مرتجلة بل أكثر من ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار حقيقة وضع وصل للقاع ولا تريد أن تصارح الشعب بحقيقته ، وتواصل بين الرياح العاصفة قيادة  بنظرة أقل ما يقال فيها إنها عمياء.
وإذ درجت البلاد على ذلك منذ 2012 ، فإن الأمر لم يعد قابلا للاحتمال ، والبلاد تسير نحو كارثة ، كم وقع التنبيه لها ، ولكنها وصلت ، وسيشهد المواطن أثرها  في حياته.
في نفس الوقت تشهد الساحة تحركات اجتماعية تبدو مشروعة ، بلغت الأوج في ولايتي تطاوين والكاف ، ولكنها تهدد غالب الولايات ، حيث تتعمق حالة البطالة  ولا يوجد أفق أمام الناس ، فالكبار الذين كانوا يأملون وضعا أفضل لأبناهم صرفوا النظر عن المستقبل المعقول ، وبات منهم من يشجع من يستطيع من أبنائهم  على الهجرة إلى عوالم أفضل ، وتشهد البلاد بذلك نزيفا بين الاطباء والمهندسين في الفروع الفنية والفروع المالية ، وفي الاعلامية  والمواصلات وهو ما يهدد القدرة على توفير الكفاءات اللازمة لتسيير الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، وقد بات توفير عمل بالخارج أمل اشباب ، وما لا يتوفر بالطرق المشروعة ، تقع المحاولة لنيله بالمغامرة التي قد تودي بالحياة ، والوصول لهذا الحل يبرز مدى اليأس الذي أصاب الشباب .
في نفس الوقت تواصل الحكومات المتعاقبة بذل الوعود التي هي أول من يعرف أنها ليست قادرة على تحقيقها ، كما حصل في الأيام الأخيرة في تطاوين والكاف ، وأما تزايد تعفن وضع لم يعد تحت السيطرة ، تبدو الجهات السياسية حاكمة ومعارضة ، في وضع من لا حل أمامه سوى ترك الحبل على الغارب ، في انتظار أيام أحسن لا تأتي ولن تأتي ، فيما يزداد الوضع السياسي هو الآخر تعفنا  ، وعدم اتضاح الصورة والتهديد بعودة الاسلاميين للسلطة ، ما لم يكن أسوأ بكثير ممن جاؤوا بعدهم  ، لا يسهم بخلق الطمأنينة ، الضرورية لعودة الاستثمار الخاص الوطني قبل الخارجي ، وبدون تحرك استثماري كبير ، لا أمل لا في نمو ولا زيادة إنتاج ثروة ولا تحريك ماكينة التشغيل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق