بكل هدوء
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
من هنا البداية
ولكن من
يستطيع أن يتنبأ بالنهاية ؟
تونس / الصواب /25/05/2017
بعد ما يقل عن 8 أشهر على تقلده "
حقيقة السلطة " وفقا لمقتضـــيات الدستور ، يبدو أن يوسف الشاهد قد كسر
الأغلال وانطلق على طريق أجندة لم تكن لا منتظرة ولا متوقعة ، ليس معروفا إن كانت
نالت إن لم يكن موافقة الثنائي الحاكم فعلا
السبسي الأب/ الغنوشي وإن كانت كل الفرضيات تميل للقول بعلمهما ، دون
استطاعة شيء لوقف سير دبابة الشاهد ، نظرا إلى أنه كان يمكن أن يخرج باستقالة
مدوية تضع الجميع أمام مسؤولياتهم وبذلك خرج "الغشير" عن فروض الطاعة.
ضرب الشاهد عدة عصافير بحجر واحد ،
1/ دفع اعتصام تطاوين وسقوط قتيل إلى
مرتبة غير متقدمة من الاهتمام الوطني ، فكف الحديث عنه ، ما يسمح بالحل الذي
ترتضيه الحكومة بعيدا عن الأضواء.
2/ الشروع في محاسبة ، كم بشر بها
الشاهد دون أن يتمكن من تحقيقها ، لقوة غير متوقعة من المتنفذين في كل الدواليب.
3/ اكتساب شعبية كبرى لم يكن يحلم بها
، وقد تؤهله مستقبلا لأدوار رئيسية على
رقعة الشطرنج الوطنية في ظل شيخوخة الرئيس الحالي بحيث يستحيل التجديد له ، وعدم
وجود مرشح مقنع .
لكن بعد هذا سيبقى تساؤل حائر، لماذا
اختار الشاهد هذا الطريق ، ولماذا لم يندفع على الطريق الطبيعي للملاحقة القضائية
العدلية .
من المؤكد أن له أسبابه ، فقد تم
البحث عن نص قديم يعود للعام 1978 ، لاعتماده في هذا التحرك ومن مخلفات عهد بورقيبة ، و للتعمية سبق ذلك
بدعوة لوزير العدل لتحريك الدعوى من قبل الاجهزة القضائية على خلفية ما جاء في
تصريحات لصهر الرئيس الأسبق بن علي ، عماد الطرابلسي ابن أخت الرئيس الأسبق بن علي القابع في السجن منذ 6 سنوات في جلسة
استماع علنية نظمتها "هيئة الحقيقة والكرامة ".
يقول البعض إن ما خرج من هذه الجلسة
كان بمثابة رصاصة الرحمة لمشروع قانون المصالحة العزيز على الرئيس السبسي ، ويقول
آخرون إن سهام بن سدرين رئيسة الهيئة ، لو
لكانت تدري بتبعات تلك الجلسة والتصريحات التي صدرت فيها من قبل عماد الطرابلسي ،
لاستغنت عنها لأنها قلبت الطبق على رأس الجميع بمن فيهم أصدقاؤها وأولو نعمتها.
ما لم يتضح لليوم هو ما إذا كانت
التهم التي اعتقل من أجلها شفيق الجراية والمجموعة التي معه ، والتي تشير كل
الدلائل أن دائرتها ستتوسع ، هل ستعتمد تهم الفساد فقط ، وهذا مقدور عليه في
القضاء العدلي ، بدون اللجوء لمقتضيات قانون الطوارئ ولا قانون الإرهاب ، أم إنها
تشمل تهم أخطر كالخيانة العظمى والتخابر مع جهات أجنبية وتهديد والنيل من الأمن
الداخلي وربما الخارجي للدولة والنيل
منهما والتآمر ، وفي هذه الحالة تصبح تهم
الفساد على أهميتها تهم فرعية ، ولكنها تسمح بأن تطول التتبعات والملاحقات هذه
التهم ، وتتمدد وقتها في نفس القضية إلى
كل المعتقلين اليوم وغدا ، وحشرهم جميعا في قضية واحدة.
الملاحظ اليوم أن رئس الحكومة الشاهد الذي ربما كان قد أعد العدة
باستشارات قانونية شاملة حتى لا ينزلق إلى خطإ قد يكون قاتلا ، قد أطلق حركة عرف
متى يطلقها ، لكنه لم يعد يعرف إلى أي مدى ستصل ، وهل يمكن توقيف مسارها وهل ستأكل
الأخضر واليابس ، وما إذا ستمتد إلى المعنيين الذين لا يعنيه شأنهم ، أم إلى
أصدقائه هو وحلفاؤه ، وخاصة حلفاء رعاته من الأحزاب التي يتشكل منها فريقه
الحكومي.
ثم إن كان السيل الجارف سيمتد لا فقط لرعاة الارهاب ، والتهريب ،
والتآمر ، بل لقتلة بلعيد والبراهمي ونقض من عرف منهم ومن خفي ، ووقتها وبقدر
الشعبية التي سينالها ، بقدر الحرج الذي سيصيب الكثيرين في أدنى الاحتمالات.
أكيد أن ما أقدم عليه الشاهد سيجر إلى
حلقة بعد حلقة في سلسلة طويلة ، وسيكشف لا فقط بؤر الفساد ، ولكن أيضا عفن الحياة
السياسية والاجتماعية والثقافية والصحفية ، ويفضح كثيرا من الأشياء التي بقيت للآن
تحت "ستر ربي "