بكل هدوء
يكتبها عبد اللطيف الفراتي
الصحبي عتيق المفهوم من الكلام
تونس/ الصواب/18/07/2013
النائب رئيس كتلة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي، معروف عنه أنه لا يلوك
كلماته قبل أن يتلفظ بها، والصورة المعروفة عنه أنه شديد في تعبيراته، غير آبه مما
يصدر عنه ولا كيف يتقبله الطرف المقابل، مر كل هذا على مدى أكثر من عام ونصف حتى
سقط في المحظور، بمناسبة التظاهرة الفاشلة التي نظمتها حركة تأييد "للرئيس
الشرعي" محمد مرسي العياط، في ما يشبه أحلام اليقظة التي أصابت تلك الحركة،
التي كان عليها من الناحية السياسية أن تكون أكثر يقظة، فتبادر لإبراز أخطاء حزب
العدالة والتنمية المصري، في محاولة للتمايز عنه، والقول بأنها في تونس لم تكن على
نفس خط سير الرئيس المصري السابق، وأنها لم ترتكب الأخطاء القاتلة التي ارتكبها
واستحقت عزله.
و لقد كانت حركة
النهضة تكون مقنعة في مسعاها لو توقفت عند أمرين يشترك معها فيها كل الديمقراطيين:
أولهما الوقوف ضد احتجاز الرئيس المصري السابق
وثانيهما التنديد بعملية غلق قنوات اخوانية وإيقاف القائمين عليها.
ولكنها اندفعت لدفاع غير محسوب العواقب، وغير مؤد إلى نتيجة، والنتيجة الإيجابية
بالذات، هي قاعدة العمل السياسي، كما إن المتحركين في إطار أي عمل سياسي لا ينبغي
أن يقفوا إلى جانب الجهة الخاسرة، إن لم يكن مبدئيا فعلى الأقل من الناحية
التكتيكية.
وبما أن حكم الإخوان في مصر انتهى تحت ضغط الشرعية والمشروعية الشعبية معا،
بخروج أكثر من 30 مليونا من المصريين في طول مصر وعرضها، وأن القوات المسلحة حاولت
ونجحت في تجنب حمام دم بتدخلها، فإنه كان من المنطقي أن يفهم الإخوان في تونس أن
الأمر انتهى، وأن الواقع السياسي يقتضي التعامل مع الواقع الجديد لا إنكاره.
تبقى تلك قضية النهضة، والكيفية الخاطئة التي تتصرف بها، ولكن النهضة إذا
كانت اختارت أن تقف في موقف معاكس للتوجه الشعبي العام في تونس فذلك شأنها، ولعل
لها أن تتوقف فقط عند حقيقة واضحة، وهي أن القنوات التلفزيونية التابعة لها أو
القريبة منها تقبع في أسفل سلم التقييم المشاهدي، وأن أي منها لا تفوق نسبة
المشاهدة لها الواحد في المائة، خاصة في تلك الأيام التي اقتصر بثها فيها على
اعتماد بث فعاليات ميدان رابعة العدوية.
أما الصحبي عتيق فإنه غامر بقول كلام في تلك التظاهرة الفاشلة التي دعت لها
حركة النهضة والتي لم يخرج فيها في أحسن الأحوال بضع مئات، تضامنا مع محمد مرسي،
كلام ما كان أيصدر عن رجل سياسة، فضلا عن أن يكون أحد زعماء حزب حاكم، ويحتل موقع
رئيس كتلته البرلمانية،وباختصار شديد فإن الرجل قال "أن من يستبيح إرادة
الشعب المصري أو إرادة الشعب التونسي فسيستباح في شوارع تونس" وأيضا
"هذه الجماهير لو فكرتم في دوس الشرعية في تونس ستدوسكم بأقدامها، من "
نقلا كلمة بكلمة عن صحيفة اليوم في صفحتها السابعة لعدد يوم الخميس 18 تموز يوليو 2013، كما في بقية الصحف والإذاعات وشبكات التلفزيون.
ولعل أحد أول ما يتعلمه طلبة الصحافة، أن المهم ليس ما تقوله، ولكن ما
يتقبله الناس وما يفهمونه، ولعل الصحبي عتيق كما قال دون اعتذار، أن المقصود من
كلامه ليس استباحة قتل أو سحل كما جاء في الصفحة الرسمية لروابط "حماية
الثورة" هذه التنظيمات اللاقانونية والغريبة عن أي مجتمعات ديمقراطية
،والمذكرة بمليشيات هتلر، وموسوليني.
ليس مهما ما تقول، ولكن المهم كيف يتقبله الناس، la perception ، و الصحبي عتيق سقط في كلام متسرع، تحت تأثير
التظاهر فيما يسمى بسيكولوجية العامة la psychologie de masse
، غير مهم ما جاء دفاعا عن الصحبي عتيق في الرسالة التوضيحية التي نشرتها حركة
النهضة والتي جاء فيها: " إنها تأويلات بعيدة وشطحات غريبة، وسوء أدب .. هذا
ما يميز بيانات خصوم النهضة وتعليقاتهم على ما قاله الأخ الصحبي عتيق في الوقفة
الاحتجاجية ضد الانقلاب في مصر لقد قال الأخ الصحبي عتيق في لحظة انفعال ما
قاله،وهو يتحدث بلغة مجازية رمزية ينظر
(بضم الياء وكسر الظاء)البعض ويستهدف من خلاله الشرعية وإرادة الشعب،فهذا من ذاك،
ولن يحصل شيء من هذا حتى يحصل شيء من ذاك"
إذن فإن حديث الصحبي عتيق زيادة على أنه في غير محله، فإنه يوقعه تحت طائلة
القانون في دولة فيها قضاء مستقل.
غير أن الأخطر أن رسالة النهضة المؤيدة، والمبررة، تذهب إلى أبعد، فحرية
التظاهر، وهو أمر معترف به دستوريا، سيواجه بالدوس بالأقدام، وهذا غريب من حزب،
يتحمل مسؤولية الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق