الموقف السياسي
|
يكتبه عبد اللطيف الفراتي
الأربعاء الأسود ،، والسمعة الملطخة
تونس /
الصواب /7/2/2018
بعد الخميس الأسود الذي "
احتفلنا " بذكراه قبل 10 أيام ، ها نحن اليوم في خضم الأربعاء الأسود ، سلسلة
من الأخبار السيئة المتلاحقة ، نسبة تضخم من أعلى ما عرفته تونس خلال 30 سنة ،
كانت تكون أكبر لو كانت المقارنة مع جانفي 2017 لا ديسمبر 2017 ، هبوط حاد في
مخزون العملة الأجنبية لدى البنك المركزي ، بحيث لا قبل لنا بتمويل لا وارداتنا
ولا نفقات سداد ديوننا ، أو تحويل نتائج أرباح المؤسسات التي وعدناها عند انتصابها
بحرية تحويلها ، لكن الأدهى والأمر هو وضعنا على القائمة السوداء لتبييض الأموال
وتمويل أي تشجيع الإرهاب ، وذلك بعد شهر تقريبا من وضعنا على قائمة سوداء كبلد
ملاذ ضريبي ، قبل أن نوضع فرحين مسرورين مهللين مكبرين على القائمة الرمادية ، وهي
في حد ذاتها سيئة لا تتمنى دولة أن تكون في حضن تلك القائمة سوداء كانت أو رمادية.
** أولا
: ما هو معنى أن تكون دولة موضوعة على القائمة السوداء لتبييض الأموال وتشجيع
وتمويل الإرهاب.
وتعرف الموسوعات تبييض الأموال
باعتباره أحد عناصر الجريمة المالية ، وذلك بالإقدام إخفاء مصدر الأموال المكتسب
بصورة غير شرعية مثل الاحتكارات الغير قانونية والأنشطة المنحدرة من المافيات
والاتجار بالمخدرات والسلاح والنهب والرشوة والتهرب الضريبي ، كل ذلك بقصد توظيف
تلك الأموال في أنشطة قانونية ، وأهمها العقارات وتمويل الإرهاب ، وتعتبر تلك المداخيل في
القانون الدولي قذرة ، وتجرم كل القوانين عبر العالم وفي كل البلدان تبييض الأموال
، لكن احترام تلك التشريعات ، يختلف من بلد إلى آخر.
وعندما يتم
اتهام دولة بأنها تتولى تبييض
الأموال ، وتمويل الإرهاب ، فإن تلك
الدولة وفي انتظار تبرئة نفسها ، تعتبر من
الدول المارقة ، فيكف الممولون نظريا عن مدها بالمساعدات والقروض ، ويشار لها
بالبنان.
هل أصبحت بلادنا على هذه الحال ، وهل
تصح عليها التهمة التي وصمتها بها مؤسسة البرلمان الأوروبي من سترازبورغ ، لا
بروكسيل كما يقال ويعلن؟
إذا لم يكن الأمر بالغ هذا الحد في
المنتظر، فإن تونس اهتزت سمعتها اهتزازا لم يسبق له مثيل ، وبدا ما تم إقراره
بشأنها قبل أسابيع من أنها ملاذ ضريبي قبل التراجع المحدود عن ذلك ، ولكن الذي بقي
وصمة في جبينها ، ما بقي اسمها ضمن القائمة الرمادية ، فإن ما وصمت به أمس أخطر ،
وأبعد أثرا ، وهو ضربة في الصميم.
كيف انحدرت بلادنا التي حافظت عبر
عشرات السنين وحتى عشرات ، عشرات السنين ،
على نقاوة سمعتها إلى هذا المستوى المتردي؟
ليس صدفة ، ولا هو مؤامرة ضد بلادنا ،
ولا يغفر المسار الديمقراطي لتونس أن تكون ضمن قائمة دول مشبوهة في أمر بالغ
الخطورة كهذا.
في كلمات وحتى لا ننكأ جرحا غائرا
نازفا معلوما وواضحا لنقل :
1/ أولا أن تونس أصبحت منذ سنوات
مصدرا لتصدير الإرهابيين ( العدد الأكبر
بالنسبة لعدد سكانها )، في وقت ما بمعرفة حتى لا نقول أكثر من ذلك - بمعرفة - جهات رسمية في وقت من الأوقات، وما بدا من تعاملها "الرسمي" مع أسماء من أعتى الإرهابيين
دون حراك أو ملاحقة جدية بل باستقبالهم في المقرات (ذات القدسية للدولة) . وهؤلاء من تونسيين مع غيرهم من دواعش وقاعديين ونصريين ، اكتسحوا
سوريا والعراق ، وعدة دول من أوروبا ، اكتوت بنار الإرهاب مثلما اكتوينا في بلادنا
، وارتكبوا من الجرائم ما الله به عليم.
ولعله جاء الوقت لنقول صراحة وبجلاء
أن تركيا وقطر والسعودية ( ربما بأقل حدة) كانت مورطة ، وزادت في توريط بلادنا ،
فيما يتناقض وطبيعة الفرد التونسي ، لولا السخاء المالي ، ولعل للمرء أن يتساءل إن
كانت القائمة تشمل هذه الدول وربما غيرها ، أم إن طاقتها المالية وقيمتها الإستراتيجية تجعلها في مأمن من أن توجه
إليها أصابع الاتهام ؟
2/ أن بلدنا ومنذ الثورة بات وكرا
لأموال جاءت إلى جهات تتستر تحت مظلة جمعيات
خيرية ، أو حتى بدون غطاء ، سكتت عنها أجهزة الدولة ، وعن مأتى ما توفر لها من مال
بملايين الدولارات ، فيما إن التهريب ،
والمال الفاسد ، والمخدرات ، والأسلحة فعلت الباقي ، مع الاغتيالات التي لم يعرف لـــــــــــلآن من وراءها حقا ،
والعمليات الإرهابية ، وإن كان خف وقعها فعلت فعلها ، في تحويل بلادنا إلى جنة
ضريبية أمس ، وجنة تبييضية إرهابية اليوم ، بما وضعنا في هذا الموضع الذي لا تحسد
عليه بلادنا المسالمة أصلا ، لا بد من القول إن السلطة السياسية إن لم تكن ضالعة
في كل هذا ، فهي لم تعالج لا زمن الترويكا ، ولا زمن الثنائية الندائية
النهضاوية ( التي كانت كـــــارثة على
تونس كما رأينا اليوم ) الأمر بما يستحق من حزم ، وهو ما أوصلنا اليوم لما نحن فيه
، ولعل الأخطر أن يقال عن بلدنا المسالم ، إنه بلد تبييض أموال وتشجيع إرهاب ،
بقطع النظر عن التبعات الثقيلة لذلك ، والتي سندفعها من رغيفنا ، وخاصة من سمعتنا الملطخة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق